محمد سعد يكتب: ”أيوة أنا مطبلاتي”
بوابة البرلمانحينما بلغت سن الـ "6 سنوات"، اعتدت يوميًا وبالتحديد الساعة السابعة صباحًا على الاستيقاظ مسرعًا، لإرتداء ملابسي، والخروج للمدرسة قبل أنا يدق جرس طابور الصباح. حينما تدخل من بوابة مدرستي "الشهيد المالكي الإبتدائية" بمدينة سرس الليان محافظة المنوفية، يقف الطلاب المُفترض قيامهم بالعزف واللعب على "طبلة المدرسة"، لتنظيم الطابور، فلا يخلو يومًا من هذا المشهد الطبيعي في أي مدرسة وليست مدرستي فقط.
في ذلك الوقت، كنت من أمهر الطلاب في اللعب على "طبلة المدرسة الصغيرة"، فلا يمكن أن يمر يوم واحد، إلا وأنا أقف مع هؤلاء الطلاب لتنظيم الطابور، وفي حالة تأخري ولو "5 دقايق" كانت مٌعلمة التربية الموسيقية المٌكلفة بتنظيم الطابور "تقلب الدنيا عليا". هذه الطبلة التي كانت سر سعادة كبيرة لي في الصغر، بدأ يوجه لها النقد "والسخرية" في هذا العصر، فما من شخص يدعم آخر إلا ويطلق عليه "مطبلاتي"، وإذا اختلف أي مواطن مع آخر تجد المقولة الشهيرة تخرج تلقائيًا: "إيه دا إنت مطبلاتي"!!.
الغريب أننا أصبحنا نُزيف معاني الكلمات ونُجيد تحريفها بإمتياز، حتى فقدت الكلمات معناها الجوهري والحقيقي. الطبلة التي لا يخلو أى فرح أو مناسبة منها، أو التي كانت تنظم طابور مدرستي وجميع المدارس حتى الآن ليخرج بشكل جميل ومميز، آلة لا تستحق منا الإهانة، فكما تتسبب في نشر روح الفرح والمرح وتنظم الشكل العام، تستحق أيضًا أن نعطيها قدرها من الإشادة يا سادة، فمع مرور الوقت وبرغم كل الانتقادات التي يحملها الكثيرون في كلماتهم لـ "الطبلة" وإن كانت بغير قصد، أرى دائمًا ما يدفعني أن أكتب مدافعًا عنها، لأنني لم أنسى يومًا أنها كانت موهبتي المُفضلة وسر سعادتي التي لما أنساها حتى اليوم ما جعلتني لا أتردد في الإعتراف "أيوة أنا مطبلاتي".
أكون في أسعد حالاتي، عندما يصفني أي منتقد لرأي ما أعترف به بأني "مطبلاتي"، فهناك حقائق لا يمكن إنكارها وهي وجود إصلاحات جذرية أقرها الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمس الأحد، لعل بدايتها ستكون منظومة الخبز ، وسيشرف بنفسه عليها ليصل الدعم لمستحقيه، كما ترددت أنباء أيضًا عن انخفاض أسعار الوقود خلال الأيام القليلة المقبلة، مع الإسراع في صرف العلاوات الخمس لأصحاب المعاشات، وغيرها من القرارات الجذرية التي علينا الإشادة بها، رغم أنف من يرون أنني بذلك "مطبلاتي". أخيرا رجاءا وليس أمرا لا تظلموا الطبلة مرة أخرى وحتى ولو بدون قصد.