النائب محمد فؤاد يكتب: معضلة سيادة المستشار !
بوابة البرلمانخرج علينا سيادة المستشار رئيس اللجنة التشريعية بالمجلس، بتصريح خلال الساعات القليلة الماضية، أكد خلاله أن اللجنة لن تناقش مشروع قانون الأحوال الشخصية، بسبب عدم إرسال مؤسسة الأزهر ردها على القانون، وأنها إن بدأت فسوف تعتمد على أن مشروع القانون المقدم من الأزهر هو قانون الحكومة وله أولوية وقت المناقشات، وأن ذلك التزاما بنص المادة 7 من الدستور.
لا أعلم إن كان المستشار الجليل، قد نسي عن دون قصد تصريحاته المتتالية عن أن سبب تعطيل مناقشات القانون هي المادة 185 من الدستور، والتي قال إنها تلزم بأخذ رأي الجهات المعنية في التشريعات.. إلا أن هذا الأمر تطور بالفعل، فبدلا من الحديث عن مادتين ليس لهما علاقة من قريب أو بعيد بالأمر، أصبحنا اليوم نتحدث عن مادة واحدة..لا علاقة لها أيضا بالأمر المنظور.
فالمادة 185 الذي استمر الحديث عنها من قبله لمدة دورين انعقاد، تتحدث فقط عن الهيئات القضائية وموازناتها المستقلة وضرورة أخذ رأيها في مشروعات القوانين المنظمة لشئونها.. دون أن يكون لذلك أي علاقة بمشروع للأحوال الشخصية أو الأزهر و لا يوجد ربط بينها وبين أخذ رأي الجهات المعنية في مشروع القانون.
وإن كانت المادة 185 من الدستور، ليس لها علاقة بالمشروع و التذرع بها لا ينتج الا تعطيل للقانون فقط، فالمادة 7 والتي اقتصر الحديث عنها الآن، تُعنى باختصاصات الأزهر، والتي من بينها استقلالية المؤسسة الشريفة وأنها المرجع للعلوم الدينية ومسئوليتها نشر الدعوة، دون تطرق أيضا إلى أن اختصاص تشريعي لهذه المؤسسة، وهو الأمر الذي أكده فضيلة الإمام الأكبر من قبل في أكثر من حديث.
فالمتأمل لهذا الأمر وتطوراته، يجد أن المؤسسة المعنية بالتشريع، -مجلس النواب- قد تكون بمثابة تنازلت بهذا التصريح عن اختصاصاتها في مناقشة القانون وإقراره إلى مؤسسة أخرى ليست معنية وليس لديها الخبرات لإعداد قانون من أصله، وذلك كله بأسانيد وحجج دستورية فاتها المنطق أو العلم ببنودها، مما يعكس انفصال عن الواقع التطبيقي والتزاما بدستور يبدو أنه لبلد آخر.
ورغم أن سلطة التشريع اختصاص أصيل لمجلس النواب، إلا أن التقدم بمشروع قانون يتاح لثلاث جهات و هي «الرئاسة – الحكومة – أعضاء البرلمان »، والتي ليس من بينها الأزهر، يتحدث المستشار عن أن ما أعده الأزهر سيكون في مرتبة التشريعات المقدمة من الحكومة وله أولوياتها. و لو فرضنا جدلا ان قانون الأزهر تبنته الحكومة بالفعل، فإن تلك الأولوية في المناقشة لا تكون إلا في حال كونه مقدما للمجلس و محال للجنة فعليا و ليس في علم الغيب كما هو الحال.
دعك –عزيزي القارئ- من كل هذا وتأمل معي الأمر من زاوية أوسع، فاللجنة الموقرة التي يرأسها سيادة المستشار في يناير 2019 أملهت الجهات المعنية ومنها الأزهر شهرا لإرسال رده على مشروعات القوانين المقدمة من النواب وحذرت أنها سوف تبدأ المناقشة حال عدم إرسال الردود، وهو الأمر الذي يتنافى مع سياق ما يتحدث عنه المستشار الآن.
إن تعطيل مصير الأسر المصرية وملايين الأطفال ومستقبلهم، تمثل خطيئة حقيقة في حق المجتمع، سيقف أمامها التاريخ لاحقا، ويذكر أن هناك من رفض أي خطوات لإصلاح الوضع بسبب أمور غير مبررة أو ترسبات ربما ناجمة عن اختلاف آراء أو نقد موضوعي ربما لما يتقبله من هو في وضع المسئولية.
و بدون مواربة أو اصطناع، أعلم جيدا كما يعلم القاصي والداني أن سيادة المستشار لا يطيقني و لقد تصالحت مع هذا الأمر منذ زمان متقبلا الإساءات بصدر رحب إلا أن المصلحة العامة لا يجوز أن ينالها التعطيل جراء غصة أو خلاف فكري و فهذا أمر لا يمكن التصالح معه.
وأختتم قولي برسالة من المتضررة "منى السيد" والتي توجهها إلى الأستاذ الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس جاء فيها: "عيب على مصر بهدلة أطفالها.. فين حق أطفال أرامل مصر يا دكتور عبد العال..أنا مواطنة مصرية تطالب بحقها من مجلس النواب". فهل من مجيب!