جليلة عثمان تكتب .. محنة الكورونا فرصة للعمالة الغير منتظمة
بوابة البرلمان
لم يتوقف تأثير فيروس كورونا المستجد"كوفيد -19" فقط عند الاصابة البشرية المباشرة وسرعة الإنتشار بل امتد تاثيره إلى الظروف الاقتصادية والمعيشية لفئة العمالة الغير منتظمة التى فقدت مصدر رزقها بسبب الإجراءات الاحترازيه اللازمة لمواجهة الفيروس وهذه الفئة تشمل العمالة اليومية والموسمية و المؤقتة فهم لا يتمتعوا بأى حماية تأمينية وليس لهم اى علاقة تعاقدية مع صاحب العمل و بالتالى ليس لهم أو لمن يعولهم الحق فى الحياه فى ظل تفشى وباء كورونا.
ولعل من ايجابيات هذا الفيروس اللعين لفت الانتباه لهذه الفئة المحرومه من كل حقوقها بالرغم من كثره عددها الذى يتراوح بين ١٣ مليون و ١٨ مليون عامل حيث لم يهتم اى مسئول من قبل كورونا بعمل إحصاء لهذه الفئة سوى فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ألذى أطلق فى فبراير ٢٠١٨ مبادره حماية الهادفة إلى حماية ورعاية العمالة الغير منتظمة صحيا واجتماعيا وتوفير سبل الحياه الكريمة لهم وتم اختزال المبادرة الانسانية العظيمة فى توزيع شهادات تامين على الحياة فئة خمسمائه جنيها تحت إسم شهادة أمان تستحق عند وفاة العامل وتم تمويلها من صندوق الطوارئ التابع لوزارة القوى العاملة و بالطبع لم توزع هذه الشهادة إلا على بضعة الالاف من العمال المسجلين بوزاره القوى العاملة بالرغم من إنعدام قيمتها واكتفت وزاره القوى العاملة بهذا الإجراء الهزيل .
وكانت كورونا فرصه لميلاد جديد للعمالة الغير منتظمة واصبح لزاما فى وجود المتغيرات المستقبلية غير واضحة المعالم إن يختلف التعامل مع ملف العمالة الغير منتظمة عن ما قبل كورونا من خلال اليات جديدة مثل:
إعداد قاعدة بيانات تشمل بيانات العمال مثل السن - النوع - طبيعة العمل - الدخل - التعليم - التدريب - الحاله الإجتماعية - الحالة الصحية - محل الإقامة - مكان العمل - الخبرات - الرقم القومى .
اللامركزية فى تسجيل البيانات على مستوى كل محافظة على أن يبدا الحصر من أصغر تجمع عمرانى وصولا للمحافظة .
سرعة صرف الاعانة المقرر شهريا وحتى إعلان القضاء على الوباء لكل من قام بتسجيل بياناته .
إعفاء صغار المستهلكين من فواتير الكهرباء والغاز والمياه لمده ثلاث شهور .
حث منظمات المجتمع المدنى و القادرين على المشاركة المنظمة فى مد يد العون للمتضررين من فيروس كورونا تحت إدارة وزارة التضامن الإجتماعى حتى تصل الإعانة لمن يستحقها.
تعديل قانون العمل رقم ١٢ لسنه ٢٠٠٣ لسريان أحكامه على كل فئات العمالة الغير منتظمة .
سرعة تطبيق قانون التأمينات و المعاشات رقم ١٤٨ لسنه ٢٠١٩ وضم العمالة الغير منتظمه تحت مظله التأمينات الاجتماعية .
دمج الإقتصاد الغير رسمى فى المنظومة الرسمية للإقتصاد المصرى حيث تتنوع صوره فى مختلف القطاعات و الخدمات فى إطار غير قانونى بعيدا عن أعين الدولة و تمثل العمالة غير المنتظمة قوته البشرية بالرغم من عملهم بأجور منخفضة و من دون عقود توظيف أو منافع إجتماعية و هو القطاع الأكثر ديناميكية فى الاقتصاد المصرى و لا شك أن الزيادة الكبيرة فى عدد العمالة غير المنتظمة يجعل الأمر أكثر الحاحا و ضرورة لوضع سياسات عامة محددة ليس فقط لتحسين نوعية الحياة لهولاء العاملين بل لضمان تحقيق أهداف التنمية المستدامة أيضا و خاصة هدف القضاء على الفقر .
بالاضافةإلى أن إرتفاع حجم الاقتصاد الغير رسمى يؤثر سلبا على الحصيلة الضريبية للدولة و يضيع على مصر ما يزيد عن تريليون جنيه كضرائب ممكن أن توجه لحل مشاكل البطالة و تخفيض الاسعار و زيادة الصادرات و تخفيض عجز الموازنة.
قد يكون فيروس كورونا نكبة على البشرية بكل المقاييس و البقاء لمن يحول النكبة الى فرصة.
وأدعو الله سبحانه و تعالى أن يفارقنا الفيروس و قد أخذ معه التخاذل و اللامبالاه و أن نجد رؤية واضحة لرفع المعاناه عن كاهل الطبقات الفقيرة بعيدا عن التعقيدات البيروقراطية و الدعاية الاعلامية.