محمد بدر يكتب الكورونا و مسرح مصر و الشيزوفرنيا السياسية
محمد بدر بوابة البرلمانمع بداية ازمة وباء الكورونا و انا ابحث و اتابع اداء اصحاب الفكر و الرأي في مصر عامة و المهتمين بالشأن السياسي بصفة خاصة سواء ان كان من المؤيدين او المعارضين فالشدائد و الازمات تظهر معادن الناس و في المجال السياسي فالازمات اما ان تصعد بك الي قمه المشهد السياسي او تخسف بك الي اسفل السافلين .
لذا فأن متابعة الوضع السياسي في ظل الأزمات لعله افضل و اكثر تسلية وكوميديا من " مسرح مصر " و ان كانت كوميديا سوداء كشفت لنا عن اكثر مساوئنا وعيوبنا على كافة الأصعدة ليس فقط على صعيد البرلمان و الاحزاب السياسية .
نبدأ من تلك الأخيرة " الأحزاب السياسية " و التي لا تزال لديها قناعة غريبة على انها تنافس الجمعيات التنموية و الخيرية فيقتصر دورها على توزيع المعونات الغذائية على " الناخبين " و تتغافل الاحزاب السياسية في مصر عن حقيقة دورها في تقييم ما تقوم به مؤسسات الدولة من أدوار - في التصدي لتلك الازمة الدولية و معالجة اثارها - و ان تقوم " الاحزاب السياسية " بالعمل على تقديم حلول بديلة لما تراه من قصور في اداء الحكومة على كافة المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الصحية ..الخ
حقيقة لم نجد اي حزب سياسي في مصر حاول او سعى الي لعب هذا الدور بل انهم قفزوا على ساحة العمل الاهلي في مصر و تسابقوا مع الجمعيات الاهلية في تقديم الاعانات المالية او الغذائية دون ان يدلي بدلوه فيما تقوم به الحكومة المصرية من اعمال سواء التعليق بالمدح او الانتقاد .
و بالطبع جاء اداء البرلمان و نوابه في ظل تلك الازمة ليمثل انعكاسا لحالة الافلاس السياسي لدى الاحزاب السياسية في مصر فذات الاداء المتوقف عند حد الاعانات المالية و التموينية للمواطنين و تعقيم بعض الشوارع و الاحياء ...الخ .
و حقيقة كانت هناك مبادرتين خرجتا بشكل فردي من نواب البرلمان المصري الاولى تحدثت عن فكره اصدار قانون يجبر المواطنين على التبرع بنسبة 20%:25% من دخلهم الشهري و الفكرة الثانية تحدثت عن عدم تحريك سعر المحروقات و تحويل الفارق بين السعر الحالي و السعر بعد التحريك الي صندوق تحيا مصر .
و قد نالت كل من الفكرتين حظهما من القدح و النقد الواسع و قد تلقت الفكره الأولي الهجوم الأكبر للعديد من الأسباب اولها انها مخالفة للدستور و للأعراف و القوانين فلا وجود لتبرعات بالإكراه و الفكره تعود بنا الي عهد الجباية .
اما الفكره الثانية فقد نالت نصيبها من النقد و ان كنت ارى اننا تسرعنا قليلا في هذا الانتقاد لتلك الفكره خاصة بعدما تبين لنا ان بعد تحريك سعر المحروقات لم يتغير السعر كثيرا بل شهد انخفاضا لم يتجاوز " 25 قرشا" فقط لاغير و هو مالا يحدث فارقا ملموسا للمواطن المصري في حين ان قيمه هذا الفارق في مجملة من شأنه ان يؤثرا ايجابا على ميزانية الدولة المصرية .
و على الرغم من ذلك فأنني ارى ان فكره عدم تحريك اسعار المحروقات كان يجب ان يتم عرضها بشكل افضل من هذا بكثير فلم يقم السيد النائب صاحب الفكرة بايضاح معدل الاستهلاك للوقود في مصر و ما يحققه عدم تحريك الاسعار من فائض مالي .
اعتقد انه كان الاحرى ان يتم مناقشة الفكره و دراستها و من ثم انتقادها فكان يمكن لنا ان نصل الي افكار افضل قابلة لتطبيق على ارض الواقع فكان من الممكن ان نتحدث عن خصم 25% من قيمة السعر المعدل للوقود " مثلا البنزين 95 فقط " على ان يتم ضخ تلك المبالغ لميزانية وزارة الصحة مباشرة تحت اشراف البرلمان .