تامر الشهاوى يكتب..الأمة التي أمنها النفسي معتل أمنها القومي مختل 1
تامر الشهاوى بوابة البرلمانعلى الرغم من ايمانى الكامل يقيناً بأن الشخصية المصرية كانت ولاتزال عصيه عن كسرها أو تحويل وجهتها .
إلا أننى تعلمت منذ نعومة أظافرى أنه عندما أجد ظاهره ما وأن ألحظها على المستوى المهنى أو الشخصى ، أن أضعها وضع الرقابة والرصد والتحليل بموضوعية بعيد عن أى هوى شخصى حتى أستطيع أن أستخلص النتائج والتوصيات وان أضعها موضع تنفيذ مع تذليل كافة العقبات وأستمر فى المتابعة ورصد النتائج بل وتعديل الخطط والرؤى وفق مقتضيات المرحلة حتى الوصول الى أفضل النتائج .
وقد ساعدتنى طبيعة عملى السابقة فى احد أهم الاجهزة الامنية وكذا طبيعة دراساتى المدنية والعسكرية والأمنية فى أن اربط بين العديد من الإشكاليات وأن أنظر إليها نظرة أكثر عمقاً نحو إشكالية أراها الأصعب فى عالمنا المعاصر وهى" الشعور بالإغتراب وتأثيره على الأمن النفسى وبالتالي تأثيره السلبى على الامن القومى ".
وأتصور أن الحالة التى مرت بها البلاد خلال ال١٠سنوات الأخيرة تعد فترة هامة ملحمية وقد أخضعتها للدراسة والفحص وقد أقتبست عنوان هذه المقالة من الدكتور سامى عبد العزيز عميد كلية الاعلام الأسبق - بعد أستئذانه بالطبع -لأتى وجدتها تختصر موضوع المقال فى عده كلمات .
ومن المؤكد أن دراسة الأمن النفسى للمجتمع المصرى شديد الإرتباط بعلم النفس الاجتماعى ورصد الحالة المصرية على مدار عقود وحتى اليوم حتى نقف على المسارات النفسية المختلفة ومدى تأثيرها وتأثرها سلباً وايجاباً بالمتغيرات الأجتماعية ومن ثم تداعيات ذلك على الأمن القومى .
مرت مصر بالعديد من الأزمات والصعاب ونجحت مصر على مر التاريخ في التعامل مع كل ما صادفها من أزمات وتغلبت عليها في حين لم تستطع دول أخرى وضعت في ظروف قد تكون مشابهة لما مرت به مصر في البقاء على قيد الحياة وزالت من الوجود.
لم تتخل الهوية المصرية أبدا عن سمتها العام، والتي كانت السبب الرئيسي لبقاء الدولة المصرية المستندة لقدرة الشخصية المصرية على صهر الأفكار والثقافات وهضمها، واستطاعت الهوية المصرية أن تعضد نفسها دون المساس بحالة التنوع الثقافى الخلاق والمذهل في ربوع مصر المختلفة، ودون جور أو إبادات كما فعلت ثقافات أخرى، فشخصية مصر ظلت تدمج بين قيم أبناء المدينة والريف، التجار والعمال والموظفين، البدو والنوبيون والعرب، مسلمون ومسيحيون كانت مصر كل هؤلاء الوافدين منهم والمقيمين منذ بداية التاريخ، لكنها لم تعد كذلك للأسف، مصر التي رسمت نساؤها على جدران المعابد فثمة أمر ما قد أصاب الشخصية المصرية وأنها لم تعد كما كانت.
ربما حانت لحظة إعادة التفكير فيما أصاب الشخصية المصرية من تغيرات وتشوهات، فالمواطن المصرى لم يعد هو الشخص الذي يتسم بالسماحة، المحب للغير الذي تحدثت عنه الكتب منذ قديم الأزل، لم يعد الشخص العابر للأديان والثقافات، لم يعد الفلاح الفصيح أو السنى المحب لآل البيت أو القبطى الفرعونى وكلها سمات انصهرت طبقاتها على مدار سبعة آلاف عاما لتخلق ما عرف بالشخصية المصرية على مر التاريخ، ولم تعد الهوية المصرية تحمل بين طياتها طبقات كاملة من تاريخ الإنسانية والحضارة كما فعلت على مر العصور، بداية من تأسيس أول دولة في التاريخ على ضفاف النيل، مرورا بالهكسوس والرومان، وحتى الدولة القبطية والإسلامية ونهاية بالإمبراطورية العثمانية، وتأسيس الدولة المصرية الحديثة على يد محمد على.
انتظرونى فى الجزء الثانى من المقال.. الأسباب والتداعيات والحلول.