بعد 50 عامًا على رحيله.. جمال عبدالناصر ملهم الأمة الخالد في قلوب الملايين
سهاد ابو السعود بوابة البرلمانمرت 5 عقود على وفاة الزعيم جمال عبدالناصر في 28 سبتمبر 1970، ومازالت ذكراه خالدة حتى يومنا هذا، ولا يزال يتربع في قلوب الكثيرين، خاصة بسطاء الشعب المصري، وهو ما تعكسه المناسبات السياسية والشعبية والتى غالبا ما تكون فيها صورة عبدالناصر قاسما مشتركا في المشهد.
ولم يكن جمال عبدالناصر زعيما ولا رئيسا عاديا في التاريخ، بل كان ملهما لأمة بأسرها، وعلامة فارقة بين عصر وآخر، بين مجتمع التبعية والشخصية المصرية المستقلة، بين الاحتلال والسيادة الوطنية والعروبة.
ولد جمال عبدالناصر حسين في 15 يناير 1918، وهو ثاني رؤساء مصر، حيث تم اختياره رئيسا للجمهورية في 25 يونيو عام 1956، طبقا للاستفتاء الذي أجري في 23 يونيو، وبقى في السلطة حتى وفاته في عام ١٩٧٠، وهو أحد قادة ثورة 23 يوليو التي أطاحت بالملك فاروق (آخر حاكم من أسرة محمد علي).
في عام 1962، بدأ عبدالناصر سلسلة من القرارات الاشتراكية والإصلاحات التحديثية في مصر، وقدم دستورا جديدا للبلاد في عام 1964، وهو العام نفسه الذي أصبح فيه رئيسا لحركة عدم الانحياز الدولية، وبدأ ناصر ولايته الرئاسية الثانية في مارس عام 1965 بعد انتخابه دون معارضة.
واستقال عبدالناصر من جميع مناصبه السياسية بسبب نكسة 1967، ولكنه تراجع عن استقالته بعد مظاهرات حاشدة طالبت بعودته إلى الرئاسة، وبين عامى 1967 و1968 عين عبدالناصر نفسه رئيسا للوزراء بالإضافة إلى منصبه كرئيس للجمهورية وشن حرب الاستنزاف لاستعادة الأراضي المفقودة في حرب 1967. وبدأ عملية عدم تسييس الجيش وأصدر مجموعة من الإصلاحات السياسية.
أدت سياسات عبدالناصر المحايدة خلال الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى إلى توتر العلاقات مع القوى الغربية التي سحبت تمويلها لإقامة السد العالي، الذي كان عبدالناصر يخطط لبنائه، ورد عبدالناصر على ذلك بتأميم شركة قناة السويس عام 1956، الأمر الذي استحسنته الشعوب في مصر والوطن العربي.
وبالتالي، قامت بريطانيا، وفرنسا، وإسرائيل باحتلال سيناء لكنهم انسحبوا وسط ضغوط دولية؛ وقد عزز ذلك مكانة عبدالناصر السياسية بشكل ملحوظ. ومنذ ذلك الحين، نمت شعبية عبدالناصر في المنطقة بشكل كبير، وتزايدت الدعوات إلى الوحدة العربية تحت قيادته، وتحقق ذلك بتشكيل الجمهورية العربية المتحدة مع سوريا (1958- 1961).
عرف ناصر بعلاقته الحميمة مع المصريين العاديين، وقدرته على تمثيل الأصالة المصرية، في الانتصار أو الهزيمة، وساهمت الصحافة الوطنية في تعزيز شعبيته، على الرغم من أن محاولات اغتياله كانت لا مثيل لها بين خلفائه، وقد كان ناصر خطيبا ماهرا، حيث ألقى 1359 خطبة بين عامى 1953 و1970، وهو رقم قياسي بالنسبة لأي رئيس مصري.
وعقب انتهاء قمة جامعة الدول العربية التي عقدت عام 1970، توفي عبدالناصر إثر تعرضه لنوبة قلبية، وبكى الرجال والنساء، والأطفال، وصرخوا في الشوارع بعد سماع خبر وفاته، وشيع جنازته في القاهرة أكثر من خمسة ملايين شخص.
وحتى يومنا هذا، يعتبر ناصر شخصية بارزة في جميع أنحاء الوطن العربي، ورمزا للوحدة العربية والكرامة، وشخصية مهمة في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، ويعتبر أيضا بطل العدالة الاجتماعية في مصر، حيث أضفى شعورا بالقيمة الشخصية والكرامة الوطنية، التي كان المصريون والعرب لا يعرفونها منذ 400 عام، وخلال الربيع العربي، ظهرت صور جمال عبدالناصر في القاهرة والعواصم العربية خلال المظاهرات المناهضة للحكومات.