محمد فؤاد يكتب .. قراءة في انتخابات العمرانية ”المغلوطة”
بوابة البرلمان
في جولة بسيطة في شوارع العمرانية وخلال المناقشات المحدودة لفت انتباهي حالة الإجماع شبه الكاملة عند المواطنين في الشارع من وجود "تزوير" حتمي في انتخابات الدائرة التي تم إجرائها الشهر الماضي، بل ومنهم من لديه تفاصيل في كيفية ارتكاب هذا الجرم.
وحقيقةً فقد دفعني هذا اليقين الثابت لدى الناس، إلى عدة تساؤلات عن جراءة من أقدم على عمليات التزوير رغم علمه برصد الشارع لذلك، وكيف قبل "من نجح بالتزوير" أن تكون هذه صورته في الشارع وأن جميع مباركيه عندهم يقين من التزوير.
فأعزي ذلك بأن من قبل أن يكون مخالفا لن يضيره بالطبع ان يكون مزورا في سبيل أن ينعم بالحصانة اللازمة لحماية مخالفاته.
ولكن فداحة الجرم وغشومية المنفذ التي دفعته إلى هذه النتائج غير المنطقية، قد كانا كفيلين بالتسبب في هذه الحالة اليقينة مما تم، فلقد كان الموضوع مبتذل لدرجة أن من نجح ليس لديه محضر فرز واحد يثبت الأصوات الهلامية التي حصل عليها.
وهذا الأمر للأمانة ووضوحه وضوح الشمس، دفعنا دفعا نحو التقدم بالطعن على النتيجة، ليس تمسكا بمقعد ولكن لنحافظ على حق الناس ونؤكد أن مصادرة واغتصاب إرادتهم والبلطجة على رأيهم جريمة لا تسقط بالتقادم؛ حتى مع تطبيل المنتفعين أو خوف الخائفين.
ولذلك فالطعن الذي تقدمت به، قد تم تضمينه ما يثبت أن غالبية مراحل العملية الانتخابية من فتح باب الترشح وفترة الدعاية الانتخابي وأيام الانتخابات حتى إعلان النتيجة ونشرها في الوقائع الرسمية، شهدت العديد من الأخطاء الجسيمة والمخالفات القانونية والممارسات التي تخل بالعملية الانتخابية. و لكن أضع كل ما حدث من مخالفات في كفة و ما شهدته النتيجة المعلنة من عوار في كفة.
و قد تناول الطعن النتيجة المعلنة للمرشح "محمد عبدالحميد"، و المعلن حصوله على 141 ألف صوت. و الذي يستلزم لحصوله عليها تقريبا متوسط ( 1059) صوت في كل لجنة فرعية من عدد الـ ( 134 ) لجنة فرعية المتاحة.
و بالنظر إلى المحاضر الخاصة باللجان الفرعية، نجد أنه حصل على متوسط (100) صوت فأقل في ٣٠٪ من اللجان الفرعية تقريبا بينما حصل على عدد (200) صوت فأقل في ٦٠٪ من اللجان. اي ان هذا المرشح لا يملك ورقة واحدة تفيد حصوله على عدد يتجاوز ال ١٠٠٠ صوت في اي صندوق. بل انني اجزم انه لم يتجاوز ال ٣٠٠ صوت مطلقا. الأمر الذي يجعل من نجاحه مستحيلا بأي طريقة خلاف التزوير الفج في احتساب النتيجة النهائية.
ومثله تقريبا المرشح المعلن فوزه ثانيا أحمد عاشور، مرشح حزب الشعب الجمهوري و الذي جاء سادسا طبقا لجمع نتائج المحاضر الفرعية.
وهذا الخطأ المادي الدامغ والثابت في إحتساب الأصوات في اللجنة العامة وعند اعلان النتيجة النهائية والتناقض بين نتائج كشوف الفرز والحصر العددي المبدئي المعلن من جانب اللجنة العامة والنتيجة النهائية، بالطبع أثر بشكل جوهري على النتيجة النهائية مما ترتب عليه انتفاء ركن السبب والمبرر لوجود النتيحة المعلنة.
فكشوف فرز اللجان الفرعية التي بحوزتنا ك تعطي نتائج مختلفة تماما لتلك الأرقام المعلنة من جانب اللجنة العامة، بوضع يثبت إضافة ما يزيد عن 130 ألف صوت عن حقيقة ما حصل عليه المرشح الأول مثلا.
طالبت في الطعن باستدعاء كافة نماذج ومحاضر لجان الانتخاب وكافة الأوراق الأخرى المتصلة بالطعن والتي تخص العملية الانتخابية بشأن اللجنة العامة بالعمرانية والطالبية وإعادة فرز واحتساب الأصوات بشكل صحيح وسليم يتفق وصحيح القانون وكذلك مع مبادئ الشفافية والنزاهة والعدالة.
لقد شهدت الساحة الانتخابية ممارسات خشنة من قبل الأجهزة المختلفة وانتهاكات صارخة في طرق الدعاية ومال سياسي أغرق الشارع وسعى إلى تسليع البشر ومكالمات من ذوي سلطة تحث الناس على التصويت لأناس بعينها، ورغم ذلك، فشلت هذه المحاولات في تغيير النتيجة، واختار المواطن بوعي من يراه وفرض جولة إعادة حتمية في العمرانية، لكن يبدو ان هناك من اراد ان يرد مصر إلى أنتخابات ١٩٨٧ وسابق عهود فجور تزوير الإرادة، فدبر سيناريو من التزوير طال معظم دوائر محافظة الجيزة ضاربا عرض الحائط بصوت المواطن وناسفا ما تبقى من حراك سياسي في مصر.