أحمد الحضري يكتب : يوميات صحفي برلماني ”44” إنتخابات مجلس النواب .. نقطه ومن أول السطر !
أحمد الحضرى القاهرة بوابة البرلمانتخبط ، ضبابية ، جدال ، توقعات ،أسماء معلنة وأخرى غير معروفة ، عائلات بعينها تحجز مقاعدها تاتى بأبناءها كمرشحين أساسيين وأخواتهم أو أبناءهم أو زوجاتهم كمرشحين إحتياطيين ، ملايين تدفع ثمنا لمقعد فى القائمة ، وملايين أقل ثمناً للترشح فردى علي اسم حزب ، ومن غضب من عدم مجيئه بالقائمة وأقسم علي عدم خوض الانتخابات فردي تمت مصالحته باختيار ابنته ضمن كوتة المرأة البالغة 142 مقعداً ، حالة من العبث تسيطرعلي المشهد الانتخابي عاشتها مصر طيلة سبتمبر .
إختيارات القائمة الوطنية جاءت غيرمرضية فى دوائر كثيرة ، ويدور الحديث عن إعلاء فكرة من يدفع يدخل القائمة ومن لا يدفع لا يدخل ، وكل هذا صب فى مصلحة الأحزاب وحساباتها ، وشهدنا تكالباً وتهافتاً بين النوب والمرشحين الجدد للإلتحاق بأى حزب حتى يضمنوا مقاعداً لهم بالقائمة لإدراكهم أن خوض الإنتخابات فردى معناه السقوط الكبير إلا قليل منهم .
ومن المرشحين من كان يعرض 10 و20 مليون جنيه فى سبيل الفوز بمقعد في القائمة يقيه شر الهزيمة في انتخابات الفردى ، وهو أمرغريب فمن أين جاءت هذه الأموال ؟ ولماذا ظهرت فجاة ؟ وأين كانت هذه المليارات التى يتردد أنها دفعت من أجل شراء مقاعد القائمة فى شكل تبرعات للأحزاب ؟ وأين كان هؤلاء جميعا فى الأزمات التي عاشتها مصر مؤخراً ولم يحركوا ساكناً فيها ولم يدفعوا مليماً واحداً ؟ تاركين الدولة تواجه بمفردها تحديات عصيبة فى وقت تحتاج فيه الى المساندة والتكاتف الكبير من أبناءها الذين كونوا ثروات من خيرها عبر العقود الماضية حتي ولو من باب رد الجميل للوطن لكن هيهات ، الملايين تطلع بس وقت التبرع للحزب عشان مقعد القايمة غير كده لا !!
المعلومات المتداولة حاليا هى أن الأحزاب جمعت نحو 4 مليار جنيه من المرشحين الراغبين فى الحصول على المقاعد سواء القائمة أو حتى الفردى على اسم الحزب فاذا كان هذا حقيقى فمن أين جاءوا بهذه المليارات وما الحكمة من دفعها من أجل مقاعد البرلمان والسؤال الأخطر كيف سيتعاملون مع المجلس والحصانة وإذا دفع مرشح 10 مليون او أقل اأو أكثر من اجل الحصانة البرلمانية فانه لابد وأنه سيسعى جاهداً لإستعادة هذا المبلغ وأكثر ، والا ما الدافع وراء تبرعه بهذه الملايين التى لو أنفقها كل مرشح فى دائرته لتغيرت ملامحها وواقعها الى الأفضل .
النقطة الأهم أنه وبنص الدستور لدينا مخالفتين كبيرتين للدستور فالمادة 106 منه نصت علي إجراء إنتخابات المجلس الجديد خلال ستين يوماً السابقة على انتهاء المجلس القائم الذي ينتهي فى 9 يناير 2021 ، وبحسبة بسيطة نجد أنه لابد من إجراء الانتخابات فى الفترة من 10 نوفمبر 2020 وليس بدءاً من 19 سبتمبر كما جرى ، وعليه فإن الدعوة الى فتح باب الترشح جاءت مخالفة للدستور وإجراء الإنتخابات فى أكتوبر مخالفة ثانية ..!
الشاهد أن هناك حالة من الإستياء الكبير بسبب الإختيارات سواء في القائمة أو الفردى ويخشى المرشحون من فكرة عزوف الناس عن النزول والمشاركة فى التصويت ، لمسها نواب ومرشحون بأنفسهم فى دوائرهم ،فالشارع الآن يمتلأ بالتساؤلات حول لماذا نخالف الدستور ولماذا نجرى انتخابات مطعون عليها منذ البداية ؟ ولماذا دفعت هذه المليارات ؟ والسؤال الأهم هو كيف ستوجه ؟ واين ستنفق ؟
المصريون البسطاء على المقاهى الشعبية ، وفى وسائل المواصلات ، وحتي الطبقة الراقية والمثقفون ينتظرون مفاجئة من الكبير ، سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي هو كبير العائلة وكبير كل المصريين الذين يلجأون اليه وقت الأزمات ، ينتظرون تدخله الحاسم في هذا الامر بقرار يثلج صدورهم بإلغاء هذه الإنتخابات وإجراؤها بداية نوفمبر القادم إنفاذاً للدستور الذى أقسمنا على إحترامه واختيار مرشحين يحظون بشعبية كبيرة وسمعة طيبة ، أما عن مصير المليارات التى جمعت فهم يرون أنها حق الغلابة والمساكين يمكن أن يوجه نصفها إلى معاش تكافل وكرامة والنصف الاخر الى العمالة غير المنتظمة أو لدعم وتطوير الصحة والتعليم أو أى من أوجه الدعم للبسطاء الذين يعانون من عدة سنوات وهم صابرون من أجل مصر ، مصر الحقيقية ، مصر الوطن وليس مقاعد البرلمان والحصانة والبرستيج ، والدولة تعرفهم تماماً والرئيس يتحدث عنهم كثيرا ويعرف حجم معاناتهم ويقدر لهم صبرهم وتحملهم خطوات الاصلاح الجريئة التى كان لابد منها .
أعتقد أن قراراً بتاجيل الإنتخابات وإجراؤها فى الموعد المحدد لها دستوريا وتوزيع المليارات التى جمعتها الاحزاب سيكون بمثابة البلسم الذى يضعه أولى الأمر على الشارع الملتهب وعلاجاً فاعلاً لحالة الإستياء والإحتقان تجاه كل من رغبوا فى شراء الحصانة والمقاعد البرلمانية ، وهم يلهثون يعرضون أنفسهم على الحزب تلو الاخر ، وتسبقهم دفاتر شيكاتهم يعرضون ملايين كثيرة فى وقت يعانى منه الناس بسبب ظروف الحياة وغلاء المعيشة ..
وفى النهاية اود القول ، لقد حذرنى كثيرون من التحدث أو الكتابة فى هذا الأمر لكنى لا أخشى الا الله ولا يهمنى غير صالح هذا الوطن الحبيب الذى ربما ينحدرالى منعطف نحن في غنى عنه ، وأكتب ما أراه وكلى إيمان بأننا نعيش مناخ من الحرية لا ينكره الا جاحد .
سيادة الرئيس حديث الشارع خلاصته هو.. نقطة ومن اول السطر !