الضربة الجوية فتحت الطريق لموجات عبور القوات المصرية..و «نسور الجو» أفقدوا العدو توازنه (تفاصيل)


سيظل السادس من أكتوبر يحتل مكانا ً فريدا ً ومتميزا في تاريخ مصر المعاصر، ويلقى أضواء كاشفة على عظمة مصر وبسالة أبنائها، فمعركة أكتوبر العظيم افتتحت بضربة جوية وجهها نسور القوات الجوية إلى مطارات ومراكز قيادة العدو فى سيناء، فأصابته بالشلل ومهدت الطريق للعبور العظيم لقواتنا المسلحة، واستمرت القوات الجوية فى تناغم رائع مع القوات البرية وباقي الأسلحة في إذاقة العدو ما لم يستطع تحمله، وتستمر القوات الجوية على ً مسار التفوق، تسليحا ً وتدريبا، لتظل قادرة على القيام بمهامها بكفاءة قتالية عالية، وحرفية يشهد بها الجميع.
فيعد 14 أكتوبر1973.. هو يوم لا ينسى في تاريخ المصريين الذين عاشوا هذا اليوم، وتاريخ أبناء محافظة الدقهلية الذين كانوا أكثر معرفة به، وتاريخ أبناء القوات الجوية البواسل الذين ضربوا أروع أمثلة الفداء في واحدة من أهم المعارك الجوية في التاريخ، وأثناء حرب أكتوبر حاول العدو الإسرائيلي القيام بهجمة جوية ساحقة بمنطقة الدلتا بهدف إضعاف قواتنا الجوية ومنعها من مساندة قواتنا البرية التي عبرت القناة، فتصدت قواتنا الجوية لهذا الهجوم وألحقت بالعدو خسائر فادحة، لذا قامت "بوابة البرلمان" بإعداد تقريرا عن القوات الجوية بمناسبة عيدهم:

الإعداد لتنفيذ الضربة الجوية خلال حرب أكتوبر
لقد بدأ فعليا الإعداد لحرب أكتوبر المجيدة بعد انتهاء حرب 1967 ،حيث استوعبت القوات الجوية الدرس، وبدأت بالتجهيز للحرب من خلال عدة محاور،أولها كان بناء القوة القتالية من الطائرات والطيارين، فأعيد تخطيط الهيكل التنظيمي للقوات الجوية، لتكون فى صورة ألوية مستقلة، وتم تشكيل لواء استطاع جوى تم تجهيزه بوسائل الاستطلاع الحديثة، أما الطيارون فعلى الرغم من أن أعدادهم بانتهاء حرب 1967 كانت تفوق أعداد الطائرات، إلا أن مرحلة البناء كانت تتطلب زيادة أكبر في الطيارين، لذلك تم زيادة الأعداد بالكلية الجوية لتناسب زيادة عـدد الطائرات، أما المحور الثاني فكان تجهيز مسرح العمليات، حيث قـامـت الـقـوات الجوية بإنشاء مـطـارات جديدة وغرف عمليات محصنة في كل القواعد الجوية والمطارات، وزيــادة الممرات بكل قاعدة أو مطار، وإنـشـاء العديد من الدشم المحصنة للطائرات، ودشــم الصيانة، كما كــان للقوات الجوية دور هـام فى حرب الاستنزاف، ساعد في التجهيز لحرب أكتوبر، ففي يوم 10 ديسمبر 1969 كانت أول مواجهة للطيارين المصريين مع الطائرة الفانتوم، وتم إسقاط أول طائرة فانتوم على يد طيار مصري، فكانت فترة الاستنزاف خير إعـداد عملي للطيارين قبل حرب أكتوبر.
دور القوات الجوية في الحرب المجيدة
خلال حـرب أكتوبر سطرت قواتنا المسلحة ملحمة بطولية شهد لها العالم، وجـاءت أعمال قتال قواتنا الجوية في الطليعة، حيث قامت بالعديد من البطولات، منها الضربة الجوية التي أفقدت العدو توازنه في بداية الحرب، وقد تمت فى صمت لاسلكي تام، لتجنب أي عمليات تصنت معادية، حيث مرت التشكيلات الجوية على ارتفاع ً، وفـى مسارات اختيرت بعناية، منخفض جــدا وكان لذلك المرور فوق تشكيلاتنا وقواتنا البرية عظيم الأثر في رفع معنويات الجنود المقاتلين، وكان مؤشرا لبدء ملحمة مشتركة للقوات المسلحة المصرية، فقد ًعبرت طائراتنا كلها في وقــــت واحـــد خط القناة، وتم ضـرب مـركـز القـيادة الرئيسي لـلـعـدو في منطقة أم مـرجـم لمنع سيطرته، وعزله عن قواته، ثم تتابع بعد ذلك ضرب الأهداف المخطط التعامل معها بنسبة نجاح تزيد عن(90 بالمئة) حيث تم ضـرب ثلاثة ممـرات رئيسية فى ثلاثة مـطـارات، هى المليز وبير تمادا ورأس نصراني، بالإضافة إلى ثلاثة ممـــرات فرعية في نفس المطارات، وتدمير عـشـرة مــواقــع بــطــاريــات لـلـدفـاع الجوي من طـراز (هــوك)، وموقعي مدفعية، ومركز حرب إلكترونية، والعديد من مواقع الشئون الإدارية، واستمرت هـذه الضربة حـوالـى (30 دقيقة) ً لنجاحها تم إلغاء الضربة الجوية الثانية ونظرا لعدم الحاجة إليها، وقد قالت تقديرات الاتحاد السوفيتي أن الضربة الجوية المصرية الأولى لن تتعدى نسبة نجاحها (30 بالمئة) لكن الحقيقة أظهرت معدن رجال القوات الجوية وبطولتهم.

لماذا 14أكتوبرعيداً للقوات الجوية ؟
خاضت القوات الجوية معاركها في حرب أكتوبر المجيدة بكل كفاءة واقتدار، وتألقت في يوم 14 أكتوبر خلال (معركة المنصورة) فى أداء مهامها، ففي ذلك اليوم قام العدو بتنفيذ هجمة جوية على مطارات الدلتا للتأثير على كفاءتها القتالية ومنع طائراتنا من التدخل ضد قواته بعد الخسائر الهائلة التي تكبدها، فتصدت له مقاتلاتنا من قاعدة المنصورة وقاعدة أنشاص، ودارت اشتباكات مـتـواصـلـة شــــارك فيها أكــثــر مـــن 150 طـائـرة مـن الطرفين، وأظـهـر فيها طـيـارونـا مـهـارات عالية في القتال اجلى، واسـتـمـرت المعركة أكثر مـن 50 دقيقة، لذلك تعد أطــول معركة جوية، وتم خلالها إسقاط طائرة للعدو رغم التفوق النوعي والعددي لطائرات العدو، ولم يكن أمام باقي طائرات العدو إلا أن تلقى حمولتها في البحر وتلوذ بالفرار، ومن هنا تم اختيار هذا ًاليوم عيدا للقوات الجوية، لأنه شهد واحـدة مـن أهـم المعارك الجوية خلال حـرب 1973.
كفاءة الطيار المصري في حرب أكتوبر أذهلت إسرائيل والعالم
ان قدرة الطيار المصري فى تنفيذ جميع المهام تمتاز بالكفاءة العالية، وتوفر القوات الجوية أحدث الوسائل العلمية وكل جديد مــن الأجهزة والإمكانيات في مـجـال إعـــداد الطيارين والأطقم الفنية بما يرتقى بمستوى ً ، ويكفى فخرا أن طياري اليوم القوات الجوية هـم تلاميذ طياري حـرب أكـتـوبـر، حيث أثبت الجيل الحالي مهاراتهم فى كل المناسبات التى اشتركت بها القوات الجوية، سـواء فى عملية )حق الشهيد) بشمال سيناء، أو العملية الشاملة )سـيـنـاء 2018) وتأمين الحدود على جميع الاتجاهات لردع عناصر الإرهاب، أو التدريبات المشتركة مع الـدول الصديقة والشقيقة، أو من خال الاشتراك فى العمليات الفعلية بالمملكة العربية السعودية (عملية إعــادة الأمل)، التى أبـرزت الدقة والكفاءة العالية فى تنفيذ المهام.

أما في مجالات التدريب.. فقد قامت القوات الجوية بالعديد من التدريبات مع الدول الشقيقة والصديقة ،ويظهر هــذا في رغبة العديد من الدول فى مشاركة قواتنا الجوية فى التدريبات لنقل الخبرات ومهارات القتال، فهناك تدريبات مشتركة كثيرة مع الــدول الشقيقة، مثل الـتـدريـب الجوي المشترك (الـيـرمـوك 3 )مع الجانب الكويتي.

والتدريب البحري الجوى المشترك (حمد 2)، والتدريب المشترك (خالد بن الوليد 7) مع الجانب البحريني، والتدريب الجوى المشترك (فيصل 11 – درع الخليج 1 ) مع الجانب السعودي، والتدريب المشترك (العقبة 3) مـع الجانب الأردني، والـتـدريـب البحري المشترك (خليفة 3)، والتدريب البحري الجوى المشترك (زايد 2 )مع الجانب الإماراتي.

وهناك تدريبات مشتركة كثيرة مع الــدول الصديقة، مثل التدريب البحري المشترك (تحية النسر2017-النجم الـسـاطـع 2017 ) مـع الجانب الأمريكي، والتدريب البحري المشترك (كليوباترا 2017- كليوباترا 2018 – التدريب العاب) مع الجانب الفرنسي، والتدريب البحري المشترك )ميدوزا 2017 / 1- ميدوزا 5 – ميدوزا 6 )مع الجانب اليوناني والقبرصي.

والتدريب المشترك لوحدات المظلات (حماة الصداقة 2017 ) مع الجانب الروسي، وفى إطار هذه التدريبات يتم الاستفادة من تبادل الخبرات ومهارات القتال المتنوعة، مما يزيد قدراتنا القتالية على مختلف الاتجاهات، وتقوم القوات الجوية بتنفيذ مجهود جـوى كبير خلال هـذه التدريبات، حتى تحقق أقصى استفادة في جميع التدريبات المختلفة.
وكان للقوات الجوية دورا كبيرا بإعادة الاستقرار الأمني في ظل التهديدات التي تواجه المنطقة العربية بأسرها ، حيث استطعت القوات الجوية أن يكون لها الدور المؤثر والفعال فى تنفيذ كافة مطالب وأهداف القيادات السياسية، فى ظل تنسيق كامل مع أجهزة القيادة العامة للقوات المسلحة، وخلال الفترة السابقة تم مداهمة الـبـؤر الإرهابية فى كافة ربـوع الوطن بالتعاون مع التشكيلات التعبوية، مع التأمين المستمر للحدود على جميع الاتجاهات، وذلك بتنفيذ طلعات استطلاع ومراقبة أمنية، والتعامل الفوري مع المهربين.
وسيظل الشعب المصري يفتخر بـ رجال قواته المسلحة وقواته الجويةً الذين ضحوا بأرواحهم ليسطروا في التاريخ بطولات لا تُنسى، والذين يقفون دائما ً مع إرادتــه ، ضمانا لاستقراره ورخائه وصوتا له ولتاريخه وحضارته المـجـيـدة، لتظل مـصـرنـا الـغـالـيـة حـــرة أبـيـة.