الجدل يتصاعد حول نتيجة سحر عتمان بدائرة بلبيس
أثار إعلان نتائج جولة الإعادة بدائرة بلبيس بمحافظة الشرقية حالة ضخمة من الجدل السياسي والإعلامي، على خلفية ما اعتبره حزب العدل وعدد من المتابعين خللًا إجرائيًا جسيمًا يمس سلامة العملية الانتخابية، ويستوجب تدخلًا عاجلًا من الهيئة الوطنية للانتخابات، حفاظًا على الثقة العامة في النتائج.
ويتركز الجدل حول لجنة قرية «الجوسق»، حيث جرى رصد وجود نسختين مختلفتين من محضر الفرز للجنة ذاتها، تتضمنان أرقامًا متباينة بصورة جوهرية، سواء من حيث نسب الحضور أو عدد الأصوات، الأمر الذي أثار تساؤلات جدية بشأن سلامة التوثيق والنسخة التي جرى اعتمادها ضمن النتيجة النهائية.
تناقض الأرقام وسلوك التصويت
وتستند الاعتراضات المثارة إلى قراءة واقعية لسلوك الناخبين داخل القرية. ففي المرحلة الأولى من الانتخابات، ومع وجود مرشح من أبناء «الجوسق»، تجاوز الإقبال 3500 ناخب. أما في جولة الإعادة، وبعد خروج مرشح القرية من السباق، فقد شهدت اللجنة عزوفًا واضحًا وضعفًا ملحوظًا في المشاركة، وهو ما أكده أهالي القرية، ومندوبو المرشحين، والعاملون باللجنة، فضلًا عن قوات التأمين.
وعلى هذا الأساس، اعتبر متابعون أن تسجيل نسب مشاركة وتصويت تتجاوز 75% في جولة الإعادة يمثل رقمًا غير متسق مع الواقع، ولا مع متوسطات المشاركة في المرحلة الأولى أو باقي لجان الدائرة، ما عزز الشكوك حول دقة المحاضر المعتمدة.

سحر عتمان: ثقة في المؤسسات وتصويب عبر القانون
وفي تعليق مباشر لها على الجدل المثار، حرصت الدكتورة سحر عتمان، النائبة السابقة ومرشحة حزب العدل عن دائرة بلبيس، على طمأنة أهالي مشتول السوق، مؤكدة احترامها الكامل للجهات المشرفة على العملية الانتخابية، ولكافة المنافسين.
وجاء ذلك خلال كلمتها أمام حشد جماهيري بمشتول السوق، حيث أوضحت أن حملتها الانتخابية، بالتنسيق مع حزب العدل، اتخذت جميع الإجراءات القانونية المتاحة لضمان حقوق الناخبين والحفاظ على أصواتهم، في إطار الالتزام الكامل بالقانون والمسارات المؤسسية المعتمدة.

محمد فؤاد: خلل إجرائي لا يمكن تجاهله
وفي هذا السياق، أكد النائب محمد فؤاد، عضو المكتب السياسي لحزب العدل، أن الواقعة تمثل تطورًا خطيرًا لا يمكن التعامل معه باعتباره خطأً عابرًا، مشددًا على أن وجود محضرين متعارضين للجنة واحدة يخل بمبدأ اليقين الإجرائي وسلامة التوثيق، ويفرض مراجعة فورية وجادة من الهيئة الوطنية للانتخابات.
وأوضح فؤاد أن خطورة ما جرى لا تتعلق بترجيح كفة مرشح على آخر، بل بسلامة العملية الانتخابية ذاتها، محذرًا من أن تجاهل مثل هذه الوقائع يخلق سابقة مؤسسية تضر بالثقة العامة في الانتخابات، وقد يستوجب إلغاء نتيجة اللجنة محل الجدل إذا ثبت عدم سلامة الإجراءات.

طارق العوضي: تفسير مؤسسي وإجراء حاسم
من جانبه، شدد القانوني و الحقوقي طارق العوضي على أن تضارب محاضر لجنة واحدة يفرض على الهيئة الوطنية للانتخابات تقديم تفسير واضح للرأي العام، يتجاوز التبريرات العامة أو الصياغات غير المحددة. وأكد أن غياب التوضيح المؤسسي السريع يفتح الباب أمام الشكوك، ويؤدي إلى تآكل الثقة المتراكمة في منظومة إدارة الانتخابات.
وأشار إلى أن معالجة الواقعة يجب أن تتم في إطار الحوكمة الانتخابية، وبما يضمن التطبيق الصارم والمتكافئ للقواعد على جميع الأطراف دون استثناء.

علي أبو حميد: الحفاظ على الثقة أهم من النتيجة
وفي منشور له اكد مدير الحملة الانتخابية لحزب العدل علي أبو حميد أن جوهر الأزمة لا يكمن في نتيجة انتخابية بعينها، بل في الأثر التراكمي لما حدث على ثقة المواطنين في جدوى المشاركة السياسية.
وأوضح أن الحملة رصدت فجوة واضحة بين الواقع الفعلي داخل لجنة «الجوسق» وبين الأرقام الواردة في أحد محاضر الفرز، معتبرًا أن اعتماد نسب مشاركة غير منطقية يقوّض مبدأ تكافؤ الفرص، ويبدد الجهود المبذولة لحث المواطنين على المشاركة في مناخ يتسم بالعزوف العام.
وأضاف أن المطلوب مؤسسيًا هو تصويب الخطأ ومحاسبة أي تجاوز فردي إن ثبت، دون تحميل الناخبين أو المرشحين كلفة إدارية لا ذنب لهم فيها.
بيان حزب العدل: التزام كامل بالمسار القانوني
وفي بيان رسمي، أعلن حزب العدل أنه يتابع ببالغ القلق ما شاب العملية الانتخابية من وقائع تمس جوهر النزاهة والشفافية، سواء في محافظة الشرقية أو في دوائر أخرى، مؤكدًا أنه تقدم بتظلمات موثقة إلى الهيئة الوطنية للانتخابات التزامًا بالمسار القانوني.
وشدد الحزب على أن تحركاته لا تستهدف التصعيد، بل حماية إرادة الناخبين وصون الثقة العامة في الانتخابات باعتبارها ركيزة أساسية للاستقرار السياسي.
اختبار للثقة المؤسسية
ويرى مراقبون أن حسم هذه الواقعة بشفافية وسرعة يمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة المؤسسات المعنية على تصحيح المسار ومحاسبة أي تجاوز فردي دون تعميم أو تسييس. فالقضية، في جوهرها، لم تعد مرتبطة بنتيجة لجنة أو مرشح، بقدر ما أصبحت مرتبطة بصورة الانتخابات ذاتها ومستقبل المشاركة السياسية.
وفي ختام المواقف، جدّد حزب العدل والمرشحة سحر عتمان ثقتهم في الهيئة الوطنية للانتخابات، مؤكدين أن إعادة الأمور إلى نصابها، إنفاذًا للقانون، تمثل المسار الوحيد للحفاظ على الثقة العامة في العملية الانتخابية











