أحمد الحضري يكتب يوميات صحفي برلماني”35 ”.. المستشار الذي هوى !
احمد الحضرى بوابة البرلمانلا أجد من الكلمات ما أعبر به عن احتقاري ورفضي لمقترح مشروع قانون مقدم من رأس اللجنة الدستورية والتشريعية بمجلس النواب لفرض تبرعات إلزامية علي موظفي الدولة وينص مشروع القانون على تبرع من يزيد راتبه عن خمسة ألاف جنية بنسبة 5%، ومن يزيد راتبه على 10 آلاف جنيه بنسبة 10%، ومن يزيد راتبه على 15 ألف جنيه بنسبة 15%، ومن يزيد راتبه عن 20 ألف جنيه أن يتبرع بـ 20%" و أن هذه النسب ستستقطع سواء دخل أو مرتب أو أيا كان مصدر هذا الدخل .
مقدم المشروع المستشار بهاء أبو شقة يقول أنه يهدف الي أن تكون هناك مشاركة من المواطنين للدولة في تحمل أعباء وباء كورونا، وأن المشروع يتضمن معني معنوى وآخر مادي، المعنوى فى أنه يؤكد أصالة الشعب وأنه فى وقت الأزمات يكون هناك تكافل وتضامن بين أفراد الشعب كل حسب إستطاعته" .
ودون الخوض في هدفه غير المريح - قطعا ولا أريد أن أقول لفظا آخر - فهو دس للسم في العسل و" كلمة حق يراد بها باطل دستوري وسيشكل قنبلة إجتماعية نحن في أمس الغني عنها وعن تبعاتها .
نسي المستشار أن القانون يجب أن يكون عاما ومجرداً وهذا المشروع الذي يتحدث عنه ليس كذلك إذ أنه انتقي فئة واحدة وهي الموظفين ويضيق عليهم خناق الحياة بتبرع إلزامي مثله مثل ضريبة الدخل التي تستقطع من المنبع .
في نفس الوقت يسعي الرئيس السيسي بخطي حثيثة لراحة الموظفين حيث وجه بزيادة حد الإعفاء الضريبى لكافة العاملين بأجر من 8 آلاف جنيه إلى 15 ألف جنيه سنويًا، بالإضافة إلى استحداث شريحة ضريبية منخفضة بقيمة 2,5% لأصحاب الدخول التى تقل عن 35 ألف جنيه سنويًا، وبما يساهم فى زيادة الدخل الشهرى للمواطنين الأقل دخلًا . لياتي المستشار بعد أقل من شهر من توجيه الرئيس ليفرغه من مضمونه في مقترح عبثي ليس له سوي مبرر واحد لا شك انكم تفهمونه جيداً .!
وأذكره بتوجيه الرئيس في 19 مارس الماضي وفي عز ازمة فيروس كورونا المستجد تري أأنت أدري بمصلحة المصريين أم الرئيس ؟
أأنت أرحم بموظفي الدولة الذين قد يعملون بوظيفتين او اكثر حتي يعود الواحد منهم إلي بيته - بالكاد - مستجيبا لطلبات صغاره ؟
نسي المستشار- وهو في قمة مغازلته للناس اللي فوق - المادة 4 من الدستور وضرب بها عرض الحائط حيث تنص علي : السيادة للشعب وحده، يمارسها ويحميها، وهو مصدر السلطات، ويصون وحدته الوطنية التي تقوم علي مبادئ المساواة والعدل وتكافؤ الفرص بين جميع المواطنين، وذلك على الوجه المبين فى الدستور ..
يطالب سيادته الموظفين بالتبرع الالزامي ولم يقل لنا بكم سيتبرع هو لمصر من إجمالي دخل مكتبه القانوني ذو السمعة الرفيعة جدا في الاتعاب التي يتقاضاها في كل دعوي قضائية في جرائم النفس التي يعد أشهر من يتصدي لها ويظفر بحكام البراءة فيها بشكل لافت .
لم يقل لنا المستشار بكم سيتبرع المحامون الكبار ؟ وهل سيلزمهم باستقطاع جزء من اتعابهم في القضايا الكبري التي يتقاضون فيها ملايين الجنيهات أم أنه لا يستطيع - حتي - مجرد التفكير في ذلك ؟
هل يمكن أن يتبني سيادته مقترحاً حول فكرة الضرائب التصاعدية المعمول بها في غالبية الدول أم أنه يخشي رجال المال والأعمال وغضبهم ؟
هل يمكن له ان يتبني مقترحا باستقطاع جزء من مرتبات القضاة لصالح مواجهة فيروس كورونا أم أنه لا يستطيع أن يفعل ذلك ؟
لماذا لم يتبني أي مقترح تشريعي بإلزام رجال الأعمال بهذا التبرع الإلزامي وهم كثر ويربحون المليارات من هذا الشعب المسكين ؟ ولو انك - بحق - حريص علي معاونة الدولة في جهودها لمواجهة فيروس كورونا فإن الحصيلة حال تبرع رجال الأعمال للدولة ستكون كبيرة جدا طالما أنك غير قادر علي المبادرة بمشروع قانون للضرائب التصاعدية .
هل تابعت موجات السخط الاجتماعي والسخرية والغضب الشعبي لمقترحك والذي فاق الحد وشغل الناس عن متابعة كورونا وأخبارها لأول مرة منذ بدء الأزمة ؟ وبالتضامن مع هذا الرفض الشعبي أعرف نوابا كثيرين يعبرون عن نبض هذا الشعب وأبناءه الطيبين رفضوا هذا المقترح رفضاً قاطعاً واصفين احتمالية الموافقة عليه بالمستحيلة .
وأنصحك بان تترك الموظفين والمصريين عموما في حالهم ولهم رئيس إنسان يشعر بهم وبهمومهم ومعاناتهم المعيشية اليومية من أجل لقمة العيش.. دع الشعب للحاكم الذي يتولي اموره باقتدار ورحمة وإنسانية .