كامل النحاس يكتب ..قانون تنظيم عمل المأذون .. أمل طال انتظاره
بوابة البرلمانعلى الرغم من أن مهنة المأذون الشرعى مهنة عالية الشرف، حيث ان المأذون دون سواه هو المختص بإجراء عقود الزواج والتصادق على قيام الزوجية والطلاق والرجعة .
وهو عمل يختص بكثير من الأحكام الشرعية علاوة على انه عمل من أعمال القضاء.
وعلى الرغم من خطورة العمل الذى يقوم به المأذون الشرعى، لما يكتنفه من اعمال قانونية وشرعية، إلا انه من المفارقات العجيبة أن ما ينظم عمل المأذون ليس قانونا وإنما لائحة، ولو كانت اللائحة تواكب العصر لما كانت ملائمة لتنظيم عمل بهذه الخطورة ، فما بالنا إذا كانت اللائحة صادرة منذ عام 1913 فى زمن غير الزمن ومجتمع غير المجتمع، مما يعنى ان اللائحة عفا عليها الزمن، واكتنفها من عوامل العوار ما لا يمكن حصره،
ابتداء من الشروط الواجب توافرها فى من يعين مأذونا، وطرق المفاضلة بين المرشحين ،
ومرورا بتقسيم الدوائر ، التى لا تحكمها اية معايير، ولا تدرى على أي أساس تم تقسيمها ، فلا هى مقسمة على اساس نسبة السكان، ولا علئ اساس المساحة الجغرافية، ولا طبقا للتقسيم الإدارى،
مما يؤكد انه لا يوجد أى معيار واضح للتقسيم، وقد نتج من ذلك مشكلات تداعياتها خطيرة، منها عدم تحقيق العدالة الإجتماعية التى كفلها الدستور والقانون،
فهناك مأذون يجرى ٱلاف العقود سنويا، وبداهة لا يستطيع المأذون ان يقوم بعمله بنفسه، فيستعين بسماسرة ومندوبين يقومون بإجراء العقود ، دون صفة قانونية، او تاهيل للقيام بهذه المهنة الخطيرة، فيرتكبون من الأخطاء والٱثام والإنحرافات ما تشيب من هوله الولدان ،فى حين ان هناك مأذونين دوائرهم صغيره، منهم من لا تتعدى عقوده عشرين أو ثلاثين عقدا، فى السنة وهذا يفتح بابا للفساد أيضا امام بعض أصحاب المأذونيات الصغيرة ة، تحت وطأة الحاجة ،
هناك مأذونيات تضخمت بشكل يحتاج ربما إلى عشرة مأذونين، ولا زال المختص بها مأذون واحد، وهذا امر لا يمكن تصوره عقلا ولا قانونا ولا واقعا ، وكان يمكن التغلب على هذا العوار مؤقتا، لو كانت هناك مرونة فى انتقال المأذون خارج نطاق إختصاصه ، ولكن لان اللائحة عقيمة فتدار أمور المأذونين عن طريق التعليمات ،وقد تصدر التعليمات ممن لا يملك إصدارها، وقد تختلف من محكمة إلى أخرى، وتختلف من مسؤول لٱخر، فما يضعه مسؤول يلغيه لاحقه، وما يكون مباحا عند مسؤول يكون مجرما عند غيره، وهكذا لا ترى العمل يتم بٱلية واحدة، فهناك اختلافات بينه بين محافظة وأخرى، او بين محكمة ومحكمة أخرى ، فضلا عن هناك نزاع لا ينتهى بين المأذونين، وشكاوى وإشغال لدوائر المأذونين فى محاكم الأسرة، وهناك مأذونون يتم وقفهم عن العمل واحيانا عزلهم دون خطأ يذكر، أللهم إلا عقم لائحة المأذونين، فى حين ان هناك دخلاء وسماسرة يقومون باعمال المأذونين فى الدوائر الكبيرة وهم ٱمنون من العقاب، بل قد يعمل المأذون تحت إدارتهم، ويستجلب رضائهم لما لهم من شعبية طغت على شعبية المأذون ،
ودائما المواطن هو الضحية،
ففى الدوائر الصغيرة يضطر المأذون لطلب أتعاب عالية نسبيا، حتى يكفل حياه كريمة لإسرته مع قلة العقود، أما أصحاب الدوائر الكبيرة، فالغالب أن السمسار هو الذى يتفق على الأتعاب فيجعل لنفسه نصيبا وللمأذون الرسمى نصيبا، مما يعنى ان المواطن يدفع الرسم مرتين، ناهيك عن المفاسد الجمة التى يرتكبها المندوب والسمسار، التى تصل إلى التزوير، وارتكاب الاخطاء الشرعية، فى غيبة تامة وغفلة من المأذون الرسمى، الذى لا يمكنه أبدا متابعة العمل أو إجراء العقود بنفسه، لكثرة العقود التى تفوقرطاقته .
ثم إن التمسك بالإختصاص يوقع المواطن فى حرج شديد، خصوصا فى ظل قانون الإيجار الجديد، الذى ربما يغير المواطن محل إقامته كل سنه، ولا يغير ذلك فى بطاقة الرقم القومى، ثم يتفاجأ يوم العقد بان المأذون المجاور له لا يمكنه القيام بإجراء العقد، لانه محل الإقامة فى البطاقة مخالف لمحل الإقامة الحقيقى، وتكون المشكلة أكبر عندما يذهب أهل الزوجة وقت العقد لمسقط رأسهم، وقد يكون فى محافظة بعيدة عن إقامتهم، وتكون فى عطلة عيد، ولا يتمكن المأذون من إجراء العقد لاختلاف محل الإقامةعنراختصاصه المكانى ، وهذا يوقع راغبى العقد فى حرج ما بعده حرج، ويتم علاج الموقف بطرق ملتوية، تخالف القانون وتثقل كاهل راغبى العقد بتكاليف باهظة، فوق ما تحملوه من عنت نفسى،
هذا جانب واحد من النتائج السلبية للائحة المأذونين العقيمة،وعدم العدالة فى توزيع الدوائر.
وقد كثرت المطالبات لعمل قانون لتنظيم عمل المأذون، او عمل لائحة جديدة، ريثما يتم سن القانون وإصداره ، ولكن دائما تذهب المطالبات أدراج الرياح .
وحتى يتم عمل قانون، أو وضع لائحة جديدة،وإعادة تقسيم الدوائر،بطريقة تحقيق العدالة وتمنع الفساد ،
فنرى انه من الواجب على وجه السرعة :
اولا : كتاب دورى يعمم على كافة محاكم الأسرة، بان تكون هناك مرونة لانتقال المأذون لعمل عقد خارج دائرة اختصاصه، على أن يتقدم المأذون بطلب إلى المحكمة التابع لها، بأن راغبى العقد قد تقدموا إليه بطلب عقد زواجهما، وانه تحقق من خلوهما من كافة الموانع وتحت مسؤوليته، ويصرح له بإجراء العقد .
ثانيا : عمل كارنيهات للمأذونين غير قابلة للتزوير،مع إلزام المأذونين بوجوب إظهارها أمام الجمهور دون طلب منهم، ووضع عقوبة تأديبة لمن يهمل ذلك .
ثالثا :تجريم قيام غير المأذون بإجراء أى عقد او انتحاله لصفة مأذون،مع وضع عقوبة رادعة على المأذون المتورط بإيكال عمله لمندوب أو سمسار .
رابعا : انتداب مأذونين من المحاكم التى بها عدد كبير من المأذونين، للعمل بالمحاكم التى بها عدد قليل من المأذونين وعدد أكبر من العقود.
هذه إجراءات ملحة من وجهة نظري حتى يتم وضع قانون يضع حلولا ناجزة ،يحقق العدالة ويحكم العمل وفق القانون ، ويقضى على الفساد .
وللحديث بقية بإذن الله
وأرانى مرددا قول العبد الصالح
إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله