بيان تحذيري من حزب العدل بشأن تعثر تشغيل وحدات التغويز والانهيار الهيكلي في إنتاج الغاز الطبيعي


يحذّر حزب العدل من التداعيات الجسيمة والمتراكمة المرتبطة بملف تشغيل وحدات التغويز العائمة، والذي لم يعُد مجرد أزمة تأخير تقني، بل تحوّل إلى مرآة واضحة لفشل مؤسسي ممنهج في إدارة قطاع استراتيجي بحجم قطاع الطاقة، وعلى رأسه وزارة البترول. ويأسف حزب العدل أن يحدث ذلك في ظل قيادة سياسية تدعم بقوة حل الأزمة فلا تواجه هذه الرغبة إلا بعجز تنفيذي مخزي.
منذ مارس 2025، دأبت الوزارة على إصدار بيانات يومية تزعم أن التشغيل "يسبق الجدول الزمني"، بينما تكشف الوقائع بشكل قاطع أن التنفيذ متعثر، والجاهزية معدومة، والتكلفة تتضاعف يومًا بعد يوم.
- في مارس، تم الإعلان عن التشغيل في مايو.
- في أبريل، تم ترحيله إلى يونيو.
- في يونيو، قيل إن التشغيل سيتم في "منتصف يوليو".
- وحتى تاريخه، لم تدخل الخدمة سوى وحدة واحدة فقط من أصل أربع وحدات، رغم مرور أكثر من ربع ذروة الاستهلاك الصيفي!
وقائع تفضح واقعًا مختلفًا تمامًا عن التصريحات:
في 3 يونيو، أعلنت وزارة البترول أن كل شيء جاهز لاستقبال الغاز، لكن الواقع على الأرض كان عكس ذلك تمامًا:
- سفينة التغويز "إنرجوس باور" وصلت إلى ميناء الإسكندرية يوم 24 مايو.
- وفي 27 مايو، كان وزير البترول لا يزال يتفقد أعمال الحفر في رصيف "سونكر" الذي يفترض أن ترسو عليه السفينة.
ولم تقف علامات الارتباك عند هذا الحد، بل أقدمت الوزارة على نقل ذراع تحميل رئيسي عبر طائرة شحن ضخمة، في مشهد لا يدل إلا على غياب كامل للتخطيط المسبق.
ما جرى تقديمه للرأي العام باعتباره إنجازًا لوجستيًا، هو في الحقيقة نتيجة مباشرة لفشل في إدارة الجداول الزمنية، وتأخر في توريد مكوّنات أساسية كان يفترض أن تصل قبل أسابيع ضمن ترتيبات التشغيل الطبيعي.
تحذير مبكر لم يُؤخذ به:
في مارس 2025، أصدر مركز العدل للدراسات، ورقة تحليلية رسمية، حذّرت بوضوح من عدم جاهزية البنية التحتية للتغويز، وأشارت إلى اختلال واضح في التنسيق بين عمليات الاستيراد والاستعدادات الفنية الداخلية. بل تعرضت الورقة لعدم واقعية توقعات الانتاج ووضعت أمام صانع القرار توصيات مركزة كشفت مواطن الخطر وكيفية تلافيها.
لكن تجاهل هذه التحذيرات أدى إلى ما نراه اليوم من تعطّل وتكلفة باهظة.
الخسائر المالية الناتجة عن هذا الفشل جسيمة:
* 12 مليون دولار شهريًا تُهدر على تأجير سفن تغويز لا تعمل.
* 300 مليون دولار شهريًا فرق تكلفة تشغيل محطات الكهرباء باستخدام المازوت والسولار بدلًا من الغاز الطبيعي.
* ما بين 215 و300 مليون دولار فروق صيانة إضافية متوقعة لمحطات الدورة المركبة، نتيجة تشغيلها بوقود غير مناسب تقنيًا، مما أدى إلى تآكل مبكر للمكونات وزيادة كبيرة في نفقات الصيانة والإغلاق.
إجمالي الخسائر حتى الآن يقترب من 600 مليون دولار، دون تحقيق أي مستهدف تشغيلي يُذكر.
الانهيار في الإنتاج هو الأساس:
تُظهر البيانات الرسمية أن مصر فقدت 3.3 مليار قدم مكعب من إنتاج الغاز يوميًا منذ ذروة الإنتاج، أي ما يعادل 45٪ من إجمالي الإنتاج.
وهو معدل يُعد من الأعلى عالميًا لدولة لا تعاني من حرب فعلية أو حصار اقتصادي أو انهيار مؤسسي شامل.
- في أغسطس 2024، صرّح رئيس الوزراء أن الإنتاج سيعود لمستوياته الطبيعية صيف 2025.
- وفي ديسمبر 2024، أعلن وزير البترول أن الزيادة المتوقعة ستبلغ مليار قدم مكعب يوميًا.
- لكن في يوليو 2025، الواقع يشير إلى انخفاض إضافي مقداره 600 مليون قدم مكعب يوميًا.
الخلاصة:
ما نشهده اليوم هو فشل تشغيلي واسع النطاق، تم التعتيم عليه ببيانات إعلامية، وتُرك المواطن دون معلومة دقيقة، بل عرضه لحمل لاحق يدفع فيه تكلفة هذا الفشل في شكل زيادة أسعار، لا بسبب ارتفاع التكلفة، بل بسبب انهيار الكفاءة. ولولا قدرات وزارة الكهرباء الاستثنائية وتحسينها الجذري لكفاءة التشغيل لحدث ما لا يحمد عقباه.
موقف حزب العدل ومطالبه:
1. فتح مراجعة فنية مستقلة وعاجلة لكامل برنامج تشغيل وحدات التغويز وكيف نجحت مصر في 2015 في حسم هذا الملف في زمن قياسي دون ضحة إعلامية بينما تتعامل عليه الآن في صيغة ضجيج بلا طحن.
2. مساءلة قيادات وزارة البترول عن كل تأخير وتصريح مضلل وكل قرار أدى إلى تحميل المواطن كلفة لا يتحملها.
3. وقف الخطاب الإعلامي المضلل الذي يُقدّم الفشل كإنجاز.
4. إصدار جدول زمني معلن وملزم لاستكمال التشغيل وضبط منظومة التوريدات.
إن استمرار هذا المسار، دون تدخل حاسم، يُهدد توازن المالية العامة، ويقوّض الثقة بين المواطن والدولة، ويضع الاقتصاد في مهب أزمة مركبة.