محمد فؤاد يكتب: تأملات في اعترافات مقاول منشق
بوابة البرلمانحالة من الانتشار السريع رافقت الفيديوهات التي سجلها المقاول والممثل محمد علي، بشكل يدعو للتساؤل عمّا قدمه في هذه الفيديوهات، وطبيعة المادة التي تحدث عنها، و سرت كالنار في الهشيم، و باتت بكل أمانة هناك ضرورة لدراسة و التقييم سواء من حيث دلالة الحدث أو تقييم المحتوى ذاته الذي تم نشره.
فشخص كل ما يملكه هو هاتف محمول يسجل من خلاله الفيديوهات وصفحة على الفيس بوك ينشر عليها وعلبة سجائر وغرفة متواجد بها، استطاع في أيام قليلة وبفيديوهات محدودة في المدة والعدد، أن يقلب الرأي العام للمجتمع الافتراضي ، وأن يصبح حديث الجميع.
هذا الأمر، يجب أن يصدر رسالة واضحة، بأن حالة الأنحسار التي شهدها الإعلام و خفوت أي صوت معارض بحق وعن حب للدولة ورغبة في الإصلاح، جعل المواطن مادة خصبة لأي رأي قد يمثل في نظره الطرف الآخر، في ظل إعلام الصوت الواحد الذي نشهده حاليا.
وبالنظر لمضمون ما قدمه المقاول، ففي الحقيقة وجدت نفسي أفحصه من وجهة نظر رقابيا ساعيا لتناول الأمر بعين النائب لعل و عسى أجد فيه أمر جدير بالتناول الرقابي غير مكترث بالخطوط الحمراء أو غيره، فتلاحظ لي الآتي:
أولا: المحتوى الموجه لرئيس الجمهورية يستحيل التعرض له رقابيا، لأنه طبقا للدستور هو منتخب أيضا لا يجوز سؤاله أمام البرلمان من أصله، بالطبع مع تحفظي على الشخصنة والتلافظ الذي تضمنته الفيديوهات والذي تخطى حدود النقد إلى السب الصريح.
ثانيا: الاتهامات بسوء التخطيط أو البذخ التي تحدث عنها المقاول، لم يقدم عليها أي دليل ملموس و لا يمكن تناولها طالما افتقدت الحجة. فمثال على تناول تلك الموضوعات هو مبنى مجلس الوزراء بمدينة العاملين والجدوى منه، والذي تعرضت له في أحد أدواتي الرقابي، جراء ما وجدته من عدم جدوى تستدعي كل هذه التكاليف في الإنشاء. لكن المقاول قد تعرض في معظم حديثه لتقييم مشروعات. و في هذا الأطار البذخ وسوء التخطيط-، يخضع في أصله للقياس والتقييم بناء على جدوى لا على أهواء.
ثالثا: الاتهامات بالفساد والتي وجهها كثيرا خلال حديثه، فثقل هذه التهمة لا يدعها سبيلا لأي حدث، دون ذكر واقعة بعينها وتحديد أطرافها والأدلة عليه، حتى تعتد بها الأجهزة الرقابية ومنها البرلمان، من الذي تلقى عمولة وكم كانت و متى؟، دون ذلك سنظل في إطار التناول على لسان المواطنين فقط، و مثال على ذلك واقعتي وزير التموين وتضارب المصالح للبنك المركزي، والتي تم تناولهما بناء على أسماء ومعلومات واضحة وليس مجرد كلام مرسل.
و أخيرا، فإن فتح المجال العام أمام النقاش الحر والمعارضة يحمي الدولة قبل النظام من خروج بالونات مشابهة للحالة التي نرصدها، فيجب أن يسير الأمر في مساره الطبيعي إعلاميا وسياسيا دون البحث عن قصص ومهاترات ورهن اهتمام الشعب بكاميرا موبايل مقاول منشق!.