أحمد الحضري يكتب :يوميات صحفي برلماني ”52” اللواء كمال عامر !
بوابة البرلمانفقد مجلس النواب وفقدت مصر كلها واحداً من أشرف المصريين واكثرهم وطنية وإخلاصاً لهذا الوطن في جميع المناصب التي تقلدها هو اللواء كمال عامر رئيس لجنة الدفاع والامن القومي بمجلس النواب ومدير جهاز المخابرات الحربية سابقاً .
ولاشك ان فقده سيترك أثراً كبيراً في نفوس المصريين عامة وزملاءه ومحبيه خاصة الذين عرفوه عن قرب ولمسوا مدي وطنيته وحبه الشديد لمصر وجيشها وترابها .
جمعتني بالراحل اللواء كمال عامر عدة لقاءات في مجلس النواب وأشهد أنه كان نموذجاً للإنضباط والاحترام والشرف طيلة فترة تواجده بمجلس النواب .
ذات مرة وكنا نتناول الغفطار معاً بالبهو الفرعونى قلت له ياسيادة اللواء لدى مشكلة ما تستطيع حلها بمكالمة تليفونية منك ، فانتبه لي قائلاً : "خير يا استاذ حضرى " ؟ فقلت له جارتي أرملة ولديها أربعة أبناء بنتين وشابين ،واحد الشابين تم تجنيده في شمال سيناء ، وهنا لمعت عيناه وتوقف عن تناول الطعام ونظر لي قائلا ايوه وايه المطلوب ؟
قلت له يعني سيادتك تتدخل حتي يتم نقل هذا المجند الي أي مكان في القاهرة حتي يكون بجوار أمه ويعمل ليلاً في أي مهنة حتي يساعدها في الحياة ويكون معيناً لها ولأسرته ..
عم الصمت المكان بعض الوقت وانتظرت أن يستجيب لطلبي قبل أن يفاجئني برده : كيف تطلب مني هذا الطلب ؟ّ! كيف يمكن ان تفكر وتطلب مني هذا الطلب ؟ هل هذا الشاب دمه أغلي من دم المجند البديل الذي شيذهب لأداء الخدمة العسكرية مكانه في شمال سيناء ؟ فقلت له لا فرد مسرعاص وبعصبية متناهية إذن لماذا تطلب مني هذا الطلب ثم اكمل حديثه هل هناك شرف آسمي من الخدمة علي أرض سيناء الحبيبة ؟هل هناك اشرف وأنبل من الإستشهاد علي أرضها ؟فقلت له لا .. فقال إذن اياك أن تطلب مثل هذا الطلب مرةأخري !
شكرته وانصرفت وانا في دهشة من أمره ، إنه مجرد مجند وهذه الخدمة يمكن أن يفعلها كثيرون لكني بعد تفكير عميق في موقفه أدركت أن موقفه صواب وأن حجته قوية .
وعلي مقربة منا كان أحد النواب وهو ميل له في لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب وقد تنامي الي سمعه خديثي مع الراحل كمال عامر فقال لي لقد أخطات تماماً في الحديث مع اللواء كمال عامر في هذا الأمر ، لأنه لا يكره شيئاً في الدنيا قدر كراهيته للوساطة وأنه لا يتدخل في أي أمر من هذا النوع .
توفي كمال عامر وقد شعر قبل رحيله بعدة أيام بدنو أجله فاتصل بأحد المقربين منه قائلا له : " أشعر انه لم يعد في العمر بقية ،فقد تعرضت لاكثر من نزلة برد بعد حلف اليمين في مجلس النواب وأشعر أنني لن سأموت قريباً .!
رحم الله اللواء كمال عامر رمز الوطنية والإنتماء ، هذه المدرسة العسكرية الكبيرة إبن مصنع الرجال وفخر مصر كلها القوات المسلحة الباسلة خير أجناد الأرض .