هناء الحديدي تكتب : خليك عايش !!!


بالأمس القريب كانت انتخابات مجلس الشيوخ ، والتي أظهرت قصوراً جليا في الثقافة لدى فئة كبيرة من المجتمع ، فظهرت تساؤلات على مواقع التواصل الإجتماعي من نوعية : " بيعملوا إيه مجلس الشيوخ دول " ، لنجد إجابات مخزية تكشف عن جهل برلماني تام ، بغض النظر عن كونها إجابات تهكمية من أفراد لايقدرون حجم المسؤولية كمواطنين تجاه وطنهم وما يواجهه من تحديات ، فنجد منهم من يجيب : " بيدعوا للبلد عشان شيوخ ودعوتهم مستجابة بيعملوا قاعدة ذكر " ، علاوة على التخبط واللبس في معرفة الفرق بين مجلسي " النواب والشيوخ " في مهام كل منهما .
وهنا لابد لنا أن نقف وقفة جادة ندق فيها ناقوس الخطر ، وخاصة مع اقتراب جولة إنتخابات مجلس النواب التي تشتد فيها المنافسة وتشتعل ، فامثال هؤلاء الساخرين والمتفزلكين وحاملي رايات المقاطعة والغارقين في بحر اليأس المرددين لمقوله " مفيش فايدة " واشقاءهم أصحاب " صوتك ملوش لزمة " ، من يتشبثون بالجلوس في أماكنهم ممسكين هواتفهم المحمولة ، متقمصين دور المحلل السياسي والخبير في الشؤون السياسية والاقتصادية والتشريعية ، تاركين أعمالهم ووظائفهم الحقيقية التي لابد لهم أن يهتموا بها ويطوروا مهاراتهم فيها من أجل تحقيق غداً أفضل يتناسب مع الجمهورية الجديدة .
ومن هنا يتضح أهمية كل فرد منا في المجتمع ، نعم أنت إنسان على قيد الحياة تعبد الله ، تأكل وتشرب وتعمل وتتنفس الهواء ... نعم تتنفس الهواء ذلك الدرس والقانون الاول الذي تعلمه لنا الحياة ألا وهو " المنح والعطاء " ممثلاً في الزفير ؛ لكي " تأخذ وتستفيد " ممثلاً في الشهيق ..... وهنا يعلو صوتي ( خليك عايش ) !
كيف تكون على قيد الحياة وأنت كالميت في قبره ، لم تعط صوتك لمن يستحقه ؟ كيف لك أن تطالب بمعيشة أفضل وخدمات ، لم توكل من يتحمل مسؤوليتها ، كيف تمكن شخصاً أن يحصل على منصب لايستحقه ، وتمكنه من إصدار قوانين وتشريعات لاتهتم بأمرك ولا تمثلك ! كيف تسمح لأمثال " عبده مشتاق " وحاشيته من المنتفعين أن يتصدروا المشهد ويخططون لك حياتك " بما لا يتعارض مع مصالحهم الخاصة" !
أين كرامتك إذا اجبرتك الظروف بالتوجه إلى مكتب أحدهم لمساعدتك ، وأنت لم تشارك بالادلاء بصوتك في الإنتخابات ، كيف لك أن تطلب منه أن يساعدك في الوصول لحقك كمواطن وأنت تنازلت عنه طواعية حين امتنعت عن المشاركة بالنزول للتصويت ؟
قال تعالى في سورة فاطر ( وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَىٰ وَالْبَصِيرُ * وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ * وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ * وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَن يَشَاءُ ۖ وَمَا أَنتَ بِمُسْمِعٍ مَّن فِي الْقُبُورِ ) ، ولنا فيها أعظم المعاني