تجربتي مع علاج الادمان
خطأ واحد قد يكلفك حياتك، والتمسك بالأمل قد يعيدك إلى الطريق الصحيح من جديد، هذا ملخص تجربة أحد المتعاطين للمخدرات مع الإدمان، الذي وصف فترة تعاطيه للمواد المخدرة بأصعب أيام حياته على الإطلاق، بعد خسارته لعمله، أسرته، وعلاقاته الاجتماعية، في الوقت الذي تسبب فيه الإدمان بأضرار جسدية ونفسية بالغة، صاحبته في معاناة خاصة داخل أروقة مستشفى علاج ادمان ، لكنها تكللت بالشفاء والتعافي التام من التعاطي والإدمان، ليسرد لنا تجربته مع الادمان.
البداية مع الحشيش
يقول المدمن المتعافي «م.ص»، إن الحشيش، كان المحطة الأولى في حياته الإدمانية، حيث أنه كان لا يُدخن سوى التبغ، وفي إحدى المناسبات طلب منه أحد رفقاءه تجربة مخدر الحشيش، وهو ما أسماه «سيجارة تفاريح»، وعندها شعر بحالة من النشوة والسعادة التي لم تحدث له من قبل، وبعد أيام رغب في تكرار التجربة، ومرة تلو الأخرى أصبح لا يستطيع الاستغناء عن مخدر الحشيش، لكنه شعر ببعض الأعراض الجسدية والنفسية التي انعكست على سلوكياته.
أعراض جسدية ونفسية
يروي المدمن المتعافي، أنه ظهرت عليه أعراض جسدية تمثلت في إحمرار العين، والشره في الطعام، مع الرغبة في النوم، وأضاف أنه لم يتوقف الأمر عند ذلك بل ظهرت على شفتاه التي تحولت للون الأسمر علامات الانتفاخ، وعلى وجه الشحوب والهالات السوداء تحت عينيه، كما ظهرت على أطرافه الارتعاش، إضافة إلى السعال المتكرر، وأشار إلى أنه قد مر بأعراض نفسية غاية في السوء، بدأت بتقلبات المزاج والعصبية، وضعف الذاكرة، وقلة التركيز، وغياب الإدراك، مع خلل في تقدير الزمن والأطوال والمسافات، وصولاً إلى القلق والاكتئاب.
تجربتي مع الترامادول
لم يتوقف الأمر عند تعاطي الحشيش، فقد سيطرت الاعتمادية على سلوك «م.ص» الإدماني، وحولته إلى مدمن يرغب في تعاطي المزيد من المواد المخدرة الأخرى، دون النظر إلى العواقب الوخمية التي ستقابله صحيًا ونفسيًا، وربما عقليًا، لأن الحشيش سيصل به إلى مرض الفصام، إذا لم يرضخ للعلاج داخل مركز علاج ادمان، ويتابع: «لقد تعاطيت مع الحشيش عقار الترامادول، ظنًا مني بأنه ليس إدمان، كما كنت اعتقد أثناء تجربتي تعاطي الحشيش، ومع الوقت بدأت أشعر بصعوبة في التنفس، والخدر، واتساع حدقة العين، حتى فقدت الوعي ودخلت في غيبوبة».
تجربتي مع علاج الادمان
«اِيه اللي أنا عملته في نفسي ده؟».. بهذه العبارة استكمل المدمن المتعافي تجربته، بعد أن اِستفاق من غيبوبته التي رحلت معه إلى ظلُمات الإدمان، وهنا قرر من باب -رُب ضارة نافعة- أن يخوض علاج الادمان، ويتخلص من آثار المواد المخدرة في الجسم، بعد أن وجد الخوف والتوتر يملئ وجوه عائلته، وكاد أن يخسر حياته.
ويقول إنه في البداية كان متخوفًا بشدة من فكرة علاج الادمان داخل مصحة علاج ادمان، لكنه قرر أن يواجه مشكلة الإدمان بالالتحاق بمركز علاج ادمان، ويخضع لبرنامج علاج إدمان الحشيش، وكذلك التخلص من آثار الترامادول في الجسم، التي حولت حياته بالكامل إلى جحيم بين أفراد أسرته، وفي عمله، وكذلك عزوف المحيطين به عن التعامل معه، فضلاً عن الأضرار الجسدية التي عانى منها لفترات طويلة، إلى جانب الأضرار النفسية التي أدخلته في نوبات الاكتئاب الحاد.
لماذا مركز علاج ادمان؟
لم يتردد المدمن المتعافي، في سرد تجربته مع علاج الادمان داخل المستشفى، ووصفها بالتجربة الآمنة، فهي التي غيّرت مسار حياته إلى الأفضل، وفق قوله، خاصة مع خوضه مراحل علاج الإدمان تحت الإشراف الطبي وفي سرية تامة وتحت مظلة قانونية مُرخصة بـمركز علاج ادمان تابع لوزارة الصحة، ويمتلك نخبة من الاستشاريين والأخصائيين في مجال الطب النفسي وعلاج الإدمان، ومزيج من البرامج العلاجية المتطّورة، ولديه خدمات فندقية فاخرة، وأجواء رياضية وترفيهية مثالية ورائعة، بحسب وصفه.
ويضيف، «بعد عمل الفحوصات والتحاليل الشاملة، وُضعت لي خُطة علاجية تناسب حالتي، والتحقت ببرنامج الإقامة الكاملة، الذي اتاح لي فرصة سحب سموم المخدر بدون ألم، رغم مروري بأعراض انسحابية صعبة، مثل التعرق الشديد، الغثيان، القيء، اضطرابات النوم، وآلام متفرقة بالجسم، وارتخاء العضلات، ورعشة الأطراف، والتشنجات، وخفقان القلب، والهلاوس السمعية والبصرية، ونوبات الاكتئاب».
ويُردف قائلاً: «وصف لي الطبيب المختص، مضادات للاكتئاب ساعدتني على تخفيف حِدة آلام الأعراض الانسحابية الشديدة، وبعد أن أنهيت تلك المرحلة في غضون حوالي أسبوعين، كان لي موعد آخر مع إعادة التأهيل النفسي السلوكي الذي أعاد لي شمس الحياة من جديد، من خلال بروتوكول علاجي تأهيلي يعمل على تغيير الأفكار، الأنماط، والدوافع الإدمانية، عبر جلسات فردية وجماعية مع متخصصين، وتعلمت آليات وأدوات ومهارات غيّرت من تكويني النفسي والسلوكي نحو التعامل الجيد مع الأسرة والمجتمع، علاوة على تحقيق أهداف جديدة في عملي وحياتي.. فأنا الآن إنسان آخر مُنتِج ولديه طموح، وتغلبت على الانتكاسة بالابتعاد عن رفقاء السوء، وأماكن جلب المخدرات، وتطبيق توصيات برنامج المتابعة الخارجية الذي وضعته لي مصحة علاج ادمان».
نصائح للمدمنين
في نهاية حديثه، وجه المدمن المتعافي «م.ص» عدة نصائح للمتعاطين، جاءت كالتالي:
● لا تجرب أي نوع من أنواع المخدرات مهما كانت الأسباب، ولا تتحجج بالضغوط النفسية والهرب بالتعاطي.
● إذا وقعت في التعاطي فحاول أن تُقلِع عنه فورًا، وإلا ستكون ضحية للاعتمادية والإدمان وتخسر صحتك وعائلتك وربما تُصاب بمرض عقلي والتشخيص المزدوج.
● أطلب وبكل جدّية دعم ومساعدة أسرتك وأصدقائك للتخلص من آثار المخدرات من الجسم حتى لا تتحول حياتك إلى كابوس مُزعِج.
● اِبحث عن أفضل مصحة علاج ادمان لضمان أعلى نسبة شفاء وتعافي، حتى لا تتعرض للانتكاسة في منتصف طريق العلاج، وقد تدفع حياتك ثمنًا لسوء الاختيار.
