”هجوم ناري على مصفاة حيفا.. إيران تُربك خريطة الطاقة في إسرائيل وأوروبا”


شهدت الساعات الماضية استهداف إيران مصفاة حيفا النفطية الإسرائيلية بصاروخ فرط صوتي في ضربة دقيقة ضمن عملية «الوعد الصادق 3»، ردًا على استهداف إسرائيلي سابق لقادة عسكريين ومواقع نووية في إيران.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أن مصفاة حيفا المستهدفة، والتي يتم تشغيلها ضمن مجمع «بازان» للكيمياويات، تعد الأكبر من نوعها في إسرائيل، وتعالج نحو 10 ملايين طن من النفط الخام سنويًا، بما يعادل 200 ألف برميل يوميًا، وتزود أوروبا بالطاقة والمنتجات النفطية.
وتقع مصفاة حيفا في المنطقة الصناعية الشرقية لمدينة حيفا شمال إسرائيل، وتعد من أقدم وأهم المنشآت الحيوية في قطاع الطاقة الإسرائيلي’ تديرها شركة «بازان غروب»، وهي جزء من مجمع الصناعات البتروكيميائية في خليج حيفا، وتلعب دورًا محوريًا في تكرير النفط الخام وتحويله إلى منتجات بترولية متقدمة.
تنتج المصفاة مجموعة واسعة من المنتجات تشمل البنزين، والديزل، ووقود الطائرات، وزيوت التشحيم، والبتروكيماويات، ويُعاد تصدير جزء كبير منها إلى الأسواق الأوروبية، ما يجعلها هدفًا استراتيجيًا ذا أهمية إقليمية.
تعرف مصفاة حيفا أيضًا بمرافقها المتطورة، التي تشمل وحدات التكسير الهيدروجيني والمعالجة الكيميائية، وخطوط أنابيب واسعة تربطها بالموانئ ومصانع التوزيع، وعلى الرغم من الجدل البيئي حول تأثيرها على سكان المدينة، تظل المصفاة أحد أهم مصادر الدخل القومي للطاقة الإسرائيلية.
وفقًا لبيان شركة «بازان»، فقد تعرضت خطوط الأنابيب داخل المجمع لأضرار موضعية نتيجة القصف، فيما استمرت منشآت التكرير في العمل وتم إيقاف بعض الوحدات الأخرى كإجراء احترازي، مؤكدة عدم وقوع إصابات بشرية.
في المقابل، أفادت وكالة مهر الإيرانية أن ألسنة اللهب شوهدت تتصاعد من المنشأة، مشيرة إلى وقوع حرائق وانفجارات عقب الضربة الصاروخية. كما أكدت قناة إيرانية رسمية أن الضربة نُفذت بصاروخ فرط صوتي، في تطور نوعي ضمن الهجمات المتبادلة.
وتواصلت الهجمات الإيرانية خلال الساعات الماضية، حيث استهدفت القوات المسلحة الإيرانية مواقع استراتيجية في شمال ووسط إسرائيل، من بينها مصنع الأمونيا في ميناء حيفا، ومحطة توليد الكهرباء، وقاعدة نيفاتيم الجوية القريبة من تل أبيب، وأعلنت هيئة البث الإسرائيلية عن وقوع 100 إصابة وخمسة قتلى في صفوف المدنيين والعسكريين نتيجة هذه الهجمات.
وذكرت شركة «أمبري» البريطانية المتخصصة في الأمن البحري أن البنية التحتية في ميناء حيفا تضررت بفعل القصف الصاروخي، وأكدت رصد حرائق كثيفة في محيط محطة الطاقة، في وقت أعلنت فيه سلطات الاحتلال فشل أنظمة الدفاع الجوي في اعتراض ما لا يقل عن عشرة صواريخ سقطت على مدينتي تل أبيب وحيفا.
خلال الساعات الماضية سمعت انفجارات قوية في أنحاء متفرقة من القدس، بينما أعلنت أجهزة الطوارئ حالة التأهب القصوى، ووجهت قيادة الجبهة الداخلية تعليمات عاجلة للسكان بالدخول إلى الملاجئ وعدم مشاركة أي لقطات من مواقع الضربات على وسائل التواصل الاجتماعي، محذرة من استخدام العدو لهذه اللقطات لتحسين دقة استهدافه لاحقًا.
من جهته، أعلن الحرس الثوري الإيراني أن الهجمات الأخيرة نجحت في تعطيل أنظمة الدفاع الإسرائيلية متعددة الطبقات، باستخدام تقنيات وأساليب عسكرية حديثة، ونشرت وكالة «فارس» الإيرانية مقطعًا مصورًا يُظهر لحظة إطلاق الصواريخ وسقوطها على المنشآت المستهدفة.
الهجمات الإيرانية جاءت بعد أيام من تصعيد إسرائيلي واسع، شهد تنفيذ عشرات الغارات الجوية باستخدام الطائرات المسيرة والصواريخ على مواقع في الداخل الإيراني، شملت منشآت نووية في نطنز وأصفهان، ومقار حكومية في طهران، ومطار مشهد شرق البلاد، ما أسفر عن سقوط عشرات القتلى من بينهم عدد من قادة الحرس الثوري.
وأعلنت وزارة الصحة الإيرانية في بيان رسمي أن حصيلة القتلى جراء الهجمات الإسرائيلية منذ الجمعة بلغت 224 قتيلًا، وأكثر من 1000 جريح، مشيرة إلى أن أكثر من 90% من الضحايا هم من المدنيين. كما أفادت وكالة مهر الإيرانية بإسقاط طائرة مسيرة إسرائيلية في محافظة إيلام غربي إيران.
في المقابل، قال الجيش الاحتلال الإسرائيلي إن الرد الإيراني كان متوقعًا وتمت متابعته منذ اللحظة الأولى، مؤكدًا أن إسرائيل سترد بقوة على أي تهديد يمس أمنها القومي، وتشير تقديرات أولية إلى أن الضربات الإيرانية ضد منشآت الطاقة قد تؤثر سلبًا على تدفق الطاقة إلى أوروبا، خاصة في ظل الأهمية الاستراتيجية لمصفاة حيفا التي تُعد مركزًا رئيسيًا لتصدير الوقود ومشتقاته.