سيد خاطر يكتب..شيزوفرينيا الشعب المصري العجيب !
بوابة البرلمانالغالب أن مصر بكل أسف وألم وحسرة ستظل إلى أبد الآبدين دولة غير قابلة للتطور ، ولا للارتقاء بثقافة شعبها العشوائية الهمجية ، ولا لسيادة القانون ونبذ البلطجة .. سواء في شوارعها أو مؤسساتها !
لقد ترسخت على مدى عقود لدى شعب مصر ثقافة مرضية غريبة متفردة دونا عن كل شعوب العالم المتحضر ، ذلك العالم الذي يتغنى الشعب المصري ليل نهار إعجابا بتحضره ، وبسيادة القوانين التي تحكم سلوكياته في شوارعه ومؤسساته ، بينما يرفض أغلب المصريين في ذات الوقت أي محاولة لتطوير ثقافتهم العشوائية إلى المرحلة الآدمية للبشر بغض النظر عن مسألة الفقر والغنى ، فالنظام والنظافة للشعوب لا علاقة لها على الإطلاق بالمستوى الاجتماعي ، وأكم من أمم فقيرة لكنها من أرقى الشعوب سلوكا .
على سبيل المثال .. يشكو شعب مصر وينتقد بمرارة الفوضى المرورية التي تسود شوارعه ، إلى درجة أن كل شخص يدين بشدة سلوك قائدي المركبات الذين لا يتبعون قواعد المرور ولا يحترمونها ، بينما يتجاهل هذا الشخص سلوكه هو كقائد مركبة يرتكب كل أنواع الموبقات المرورية والغلاسة على قائدي السيارات الاخرى ، لدرجة تجعلك تشعر وأنت تستمع إلى انتقاداته أنه قائد المركبة الوحيد المحترم في هذا البلد ، أنه دون سواه الذي يلتزم بقواعد المرور وآدابه وأخلاقياته !
والشعب المصري يشكو ويستنكر يوميا بلطجة الباعة الجائلين واحتلالهم لحرم الطرق وأرصفتها ، وتسببهم في ازدياد حدة الاختناق المروري وبالتالي سيادة ثقافة الفوضى ، بينما هو في ذات الوقت يدين أي محاولة من جانب الدولة استجابة لشكواه بإزالة الباعة الجائلين من الشوارع الرئيسة ونقلهم إلى أسواق خاصة أو شوارع جانبية ، فساعتها يرتدي الشعب فجأة مسوح الرهبان مهاجما تصرف المسئولين الذين انتزعت من قلوبهم الرحمة ، وغير ذلك من عبارات استعطافية ممتزجة بمصمصة شفاه !
والشعب المصري العجيب الغريب المتفرد .. والذي تطبعت شخصيته بازدواجية المعايير وتناقض التفكير .. يكاد لا يمر يوم لا يشكو فيه ولا ينتقد الحال المزري الذي وصلت إليه منظومة السكك الحديدية بحوادثها المتكررة وقطاراتها غير الآدمية مفتوحة الأبواب مهشمة النوافذ متهالكة المقاعد متسخة الممرات ، والتي تعج ببلطجة وهمجية الباعة الجائلين الذين يقفزون تباعا منها وإليها بأعداد كبيرة دون حسيب أو رقيب ، فإذا ما حاولت الجهة المسئولة اتخاذ اجراءات الارتقاء بالمنظومة بتزويد الهيئة بقطارات آدمية فاخرة غير مسموح فيها بالبلطجة والعشوائية احتراما للمواطن دافع مقابل الخدمة ، هاج وماج هذا الشعب رافضا تطبيق القانون على من يمارس البلطجة بركوبه تلك القطارات دون سداد قيمة التذكرة ، بل يزيد به الشطط إلى حد إدانة ركاب القطار ووصفهم بأبشع العبارات لأن أحدا منهم لم يتطوع بسداد قيمة التذكرة لأي غلبان فقير يركب القطار !
أي منطق هذا ؟ ولماذا هذه المزايدة على الناس ؟ ألا تشجع هذه الدعوة على أن يسوق الكثيرون ( الهبل على الشيطنة ) طمعا في كرم ركاب ذلك القطار الفاخر في كل رحلاته القادمة ؟ وهكذا تعود ريما لعادتها القديمة وكأنك يا بو زيد ما غزيت ، وما هى إلا عدة شهور ويلحق هذا القطار الفاخر بإخوته من القطارات المتهالكة العشوائية غيرالآدمية ؟!
إن الشيء الوحيد الذي كان يمكن تفهمه بموضوعية فيما يتعلق بالحادث الأخير لبائعين متجولين هو إدانة السلوك المشين لمسئول القطار الذي لم يتبع القانون في مواجهة مثل هذا الموقف ، وإنما اتبع وسيلة عشوائية بفتحه باب القطار وأمره البائعين بالقفز ، وبالتالي ارتكب حماقة تدلل على عدم أهليته لوظيفته إذ كان عليه اتباع التعليمات بتسليمهما للشرطة بأول محطة رسمية يصلها القطار ، أما أن ينتهي الأمر بدفع الركاب ثمن تذكرتين فهى السفاهة بعينها والتفكير السقيم .. والمزايدة الرخيصة السخيفة على ركاب ذلك القطار !