ناجي عباس يكتب .. قمة ميونيخ للأمن والدفاع 2
بوابة البرلمان
حصيلة حواراتي في اول ساعات اليوم الأول للمؤتمر
الولايات المتحدة لم تعد تحمي الاتحاد الأوروبي. فرنسا والمانيا يريان ذلك
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يقدم عرضًا صريحاً بموافقة ضمنية المانية - على الاوروبيين حماية انفسهم - كي لا يفاجؤوا بكارثة في المدى المنظور
14 فبراير 2020
ناجي عباس
"عدم الاستقرار" هي الكلمة التي تتكرر في اوروبا والعالم بين كل المتخصصين - ضيوف مؤتمر ميونيخ، وهذا له تعريف واحد لدى هؤلاء، مفاده ان عالمًا بدون مراعاة مصالح الاتحاد الاوروبي بتواطؤ كامل بين واشنطن ولندن بدأ يتشكل . هكذا بكل وضوح يتحدث الخبراء
...
لتوضيح الأمر يجب العودة لأجواء ما قبل مؤتمر ميونيخ
قبل اسبوع ألقى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون خطابا صريحاً في كلية الحقوق في باريس ألقى فيه الضوء على ما أسماه التناقضات الأوروبية الخديدة التي نجمت عن اختفاء الولايات المتحدة كقوة حماية لأوروبا، وذلك في ظل معطيات جديدة تتمثل في انهيار معاهدات نزع السلاح ، ونشر روسيا صواريخ نووية جديدة تصل خلال دقائق إلى برلين وروما وباريس، وبرأيه هناك تهديدات جديدة - لا تعلم أوروبا كيفية مواجهتها.
ماكرون اشار الى أن فرنسا تمتلك سلاحًا نوويًا ولا تنوي تقاسم قوتها مع أي طرف، واقترح عوضاً عن ذلك الدخول في "حوار استراتيجي" مع دول الاتحاد الأوروبي الأخرى حول كيفية دفاع أوروبا عن نفسها مستقبلاً في هذا العالم الجديد الخطير.
....
الكلام عن نهاية الناتو وضرورة دفاع اوروبا عن نفسها ليس بجديد - لكن هذا هذا الخطاب من ماكرون هو الثاني له بنفس المضمون، وكان له - بحسب الخبراء - لهجة مختلفة اوضحت القناعة الفرنسية التي اشارت اليها مقابلة ماكرون مع مجلة إيكونومست العام الماضي والتي نبه فيها الأوروبيين الى أن الناتو قد "مات اكلينيكياً".
ماكرون بحسب الخبراء كشف الستار عن الحقيقة لكنه لم يقدم برنامجًا فرنسيًا كاملاً - لكنه رغم ذلك طلب من الأوروبيين ضرورة التفكير والتصرف بشكل مستقل في الوقت المناسب.
عرض - بحسب الخبراء - لا ينبغي على الأوروبيين ، وخاصة الألمان ، تفويته.
إعادة التفكير في أمن أوروبا
كان هناك ردان أساسيان من ألمانيا قبل المؤتمر الأمني: الأول من نائب رئيس المجموعة البرلمانية للتحالف المسيحي يوهانس واديفول ، الذي طلب من ماكرون فتح الدرع النووي الفرنسي على أوروبا ، والثاني من وزير الخارجية الألماني هايكو ماس ، الذي رأى في خطاب ماكرون حافز قوي لتنشيط مبادرات نزع السلاح مرة اخرى ..
لكن الردين لا يقدما حلاً حقيقياً
خبراء ميونيخ يرون ان ما يقترحه ماكرون ليس أقل من انعاش لمطلب إعادة التفكير الشامل في أمن أوروبا بعد ان تخلى الأمريكيون عن التزاماتهم وخاصة مايتعلق منها بالدفاع عن الاتحاد الأوروبي.
.....
بالنسبة لألمانيا الأمر أخطر بكثير مما يتصور أحد.. فألمانيا لا تملك اسلحة نووية، وعليها التفكير على نحو يضمن حمايتها بغض النظر عن الموقف الاوروبي من المقترح الفرنسي
.....
كيف تبدو الصورة امام خبراء الأمن والدفاع؟
هناك ثلاثة عناصر مهمة توضح الأمر:
أولاً ، يتعين على الأوروبيين رؤية حجم التهديد الصواريخي الحالي ، وهذا لا يتعلق فقط بالصواريخ النووية متوسطة المدى التي طورتها ووجهتها روسيا في السنوات القليلة الماضية باتجاه أوروبا الغربية. فإيران ايضاً باتت تمتلك صواريخاً تهدد - بمداها - أوروبا كلها ، وقد تتبعها قريبا " قوى اقليمية أخرى في الشرق الاوسط"
وعليه يطرحالأوروبيون السؤال حول "مقدار" نزع السلاح ، أو الردع الذي يحتاجه الاتحاد الأوروبي؟
سؤال صعب...
ثانياً يتعين ايضاً - في ضوء تخلي واشنطن عن التزاماتها - انيخطط الأوروبيون استراتيجياً لمنظومة دفاع جديدة من الصفر.. ضد كل ما حولها من تهديدات الأسلة الآلية والأسلحة الإلكترونية والروبوتات والطائرات دون طيار - باعتبار ذلك كله جزءً من ترسانة الحرب الحالية والمستقبلية، مثلما نرى في ليبيا وغيرها. ولا ينفع هنا المراهنة فقط على مؤتمرات ومبادرات الحد من الأسلحة الآلية وحظرها، فوقت الضرورة لا يلتفت الى تلك المبادرات أحد
ثالثًا ، يتعين على ألمانيا وفرنسا تسوية خلافاتهما حول مشاريع الأسلحة المشتركة. وخاصة حول منظومة الطيران الحربي الفرنسي الألماني في المستقبل (FCAS) ، الذي اتفق عليه ماكرون مع ميركل عام 2018 . وهو ما يعني ايضاً ضرورة تدعيم الثقة بين الطرفين وتنحية الخلافات صادرات الأسلحة وتحفظات البوندستاج على ماتقوم به باريس بهذا الخصوص
الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير ، والرئيس ماكرون ، ووزير الدفاع الالمانية أنيجريت كرامب-كارنباور والعديد من السياسيين الأوروبيين سيتحدثون اليوم تلميحاً فقط عن ذلك.
ويتركون كل التفاصيل للغرف المغلقة