ماذا تعرف عن سيد جلال.. وكواليس إلغاء الدعارة في مصر؟


خاض الحياة السياسية، بعدما أصبح من أكبر المصدرين والمستوردين، وعُرف بشيخ البرلمانيين، بعد استمراره لسنوات عديدة في أروقة البرلمان، وارتبط اسمه بدائرته باب الشعرية، وذاع صيته أكثر وأكثر، بعدما قاد الحملة لإلغاء البغاء في مصر، وكذا إزالة وصمة العار عن مصر البهية، هو النائب البرلماني الشهير "سيد جلال"، الصديق المقرب للشيخ محمد متولي الشعراوي، رحمهما الله.
ظل سيد جلال يناهض البغاء بكل حزم وقوة، وتمسك بقيادة الحملات ضد البغاء ومرتكبيه، ونجح في حملته في عام ١٩٤٧، بعدما أتم ٦سنوات في المحاولة لقلب الاوضاع المشينة، واستشهد الشيخ الشعرواي، صديق النائب سيد جلال، بموقفه والذي وصفه بالمقلب، الذي دبره مع جلال فهيم باشا، وزير الشئون الاجتماعية آنذاك، وادى الموقف لإصدار القرار بإلغاء الدعارة.
روى الشيخ الشعراوي في احد لقاءاته الصحفية، عن النائب المعروف بالقضاء على الدعارة في مصر، انه كان وطنيا كما أن له مواقف وطنية معروفة يشاد بها، وبما انه كان نائبا عن باب الشعرية، وكان يعيش في المنطقة ويعرف أحوالها، ويرى مساوئها وتصرفات غرببة ومسيئة لمصر، قرر القضاء عليها.
وتابع الشيخ كلماته عن سيد جلال قائلا، كانت دائرته باب الشعرية، بها اشهر شارع آنذاك في مصر، شارع كلوت باشا، معروفا بالبغاء وممارسلة الرزيلة، وكانت هذه القصة تسبب له ألما وحزنا، فأصبح همه الشاغل ان يخلص مصر من هذه السبة، وخصص جهده لها في البرلمان.
واوضح الشيخ، ان السيد جلال، كان يتحسر بسبب رؤيته العاهرات، وهن يقفن علي النواصي ورؤوس الطرقات، ويدعين الناس دعوات مفتوحة مفضوحة للرذيلة، والتلفظ باسوأ العبارات والكلمات، ويتسابقن لإغراء كل من يمر بالشارع، وجره إلي اماكن الدعارة.
وعندما لم يجد مفرا من التخلص من هذه المشكلة التي هي بمثابة سرطان يسري في جسد المجتمع المصري، دبر "مقلب" لوزير الشئون الاجتماعية في ذلك الوقت لإحراجه ودفعه دفعا إلي العمل لإلغاء هذه الوصمة، وهي مسئولية يستطيع تنفيذها الوزير، ذهب إلي الوزير "الباشا وقال له إنه يعتزم إقامة مشروع خيري كبير، وسيلحق به مدرسة، وتم تجهيز الموقع، ويود ان يتواجد الوزير، لرؤية الموقع، وان الاهالي سيسعدون به، ويعزز المساهمة في اقامة المشروعات الخيرية، وافق الوزير بالفعل على اقتراح سيد جلال.
وفي اليوم الذي حدده الطرفان، استقل الوزير الحنطور، وصار الحنطور على مهل، كما كان اتفاق سيد جلال، ويسير بين جنبات شارع كلوت باشا، ويرى بنفسه الفضائح والمهازل الاخلاقية، وتصورت العاهرات ان الوزير زبون، فتدافعن نحوه وتسابقن إليه، حتى اصبح المشهد خناقة كبيرة بين العاهرات على النيل بالوزير المجهول، وفي اللحظة التي لم يتدخل فيها سيد جلال، لانقاذه تأكد انه مدبر ليرى بنفسه العهر في شارع مصري لا يجوز به فعل هذا، وظل يسرق، وتمزقت ملابسه.
عاد الوزير الى منزله، وكان يسب ولعن في سيد جلال وموقفه، الذي دفع بالوزير للاهانة والتشتت بينهن، لكنه قرر إلغاء البغاء نهائيا وتطهير الشوارع والناس من بلاء مثل هذا، ودخل السيد جلال مستبشرا ضاحكا محييا للوزير، بأنه استطاع الغاء البغاء.
ولكن ظهر احد النواب من الاسكندرية، يطالب باعادة البغاء مجددا، وانه سيحصر في مناطق محددة وعليها رقابة مشدة، وهذا يمنع تعرض الرجال للنساء في الشوارع، وسيحد من الامراض السرية ومنع انتشارها، وصادف الاقتراح موافقة البعض.
ودافع سيد جلال عن قضيته وأوضح بقوله قائلا إن الذين يعتقدون أن إلغاء البغاء يؤدي إلي انتشار الأمراض السرية مخطئون، وأعلن عن الإحصائيات التي أعلنتها المؤتمرات الطبية العالمية والتي تثبت أن الأمراض السرية تنتشر أكثر في الدول التي تعرف نظام البغاء، وتقل في التي حرمته.
واكد على اهمية استيعاب الشباب باستخدام طاقاته بعيدا عن البغاء وانخراطه في كل المجالات التي تصلحه وتيسر له بناء أسرة وذرية صالحة نافعة لها وللمجتمع، وقال كلمة في قلب الجلسة المنعقدة خلال المناقشات المحتدمة، إن البغاء مصر بأكملها نسته، ولم يفكر بالأمر أحد، واذا كان النائب صاحب الاقتراح مصمما على اقتراحه، فعليه أن يتبرع بخمس سيدات من اسرته، ليكون حجر الأساس لاحياء المشروع،وضجت القاعة، ولم يرد صاحب الاقتراح مطلقا، وخرج من المجلس بلا عودة إليه.
وهكذا عرف النائب سيد جلال، شيخ البرلمانيين بقضيته القضاء على البغء، واشتهر بالنائب الذي قام بإلغاء قانون البغاء او قانون الدعارة في مصر، وقال عنه الشعرواي من طيب اثره وحسن سريرته، ورفعة أهلاقه أنه كان في شدة مرضه وفي غيبوبة تامة، كان يردد ذكر الله.