د.هشام ماجد يكتب.. ونحب تاني ليه؟
بوابة البرلمان"كان صرحًا من خيال فهوى"
هكذا غنت أم كلثوم في قصيدة الأطلال للشاعر إبراهيم ناجي، وأجده تعبيرًا بليغًا عن فكرة الإنفصال وصعوبتها، أن تبني الكثير من الأحلام مع شخصًا آخر وتضع آمالك عليه وفجأة ينهار كل شيء، ليس أمرًا هينًا على الإطلاق، لذلك فالانفصال العاطفي أحد أكثر التحولات المؤلمة التي نواجهها في حياتنا، ويمكن أن يكون ألم فقدان ذلك الشخص محطمًا للقلب بشكل غير قابل للتصور وتجاوز تلك المرحلة الصعبة يختلف من شخص إلى آخر، فهناك من لديهم القدرة على التجاوز والشفاء بسرعة، والاستمرار في حياتهم من جديد، وهناك آخرون تمر عليهم سنين دون أن يتقدموا خطوة وكأن الانفصال قد حدث بالأمس.. لماذا يحدث ذلك؟ هذه بعض الأسباب التى قد تفسر ذلك..
1-كان الحب الأول أو كانت علاقة طويلة الأمد. يقولون دائمًا أن الحب الأول لا يتم نسيانه بسهولة، كذلك الألم الأول لا يلتأم بين ليلة وضحاها، لأنك للمرة الأولى تعيش تلك المشاعر الرائعة وتختبر جمال وجود شخصًا آخر يبادلك نفس الشعور، وعليه يكون الألم بقدر كل اللحظات الرائعة التي حدثت أو تخيلت أنها يمكن أن تحدث فيما بعد ولم يكن هناك وقتًا لذلك.. التجربة الأولى دائمًا مختلفة كذلك من الصعب التعامل مع خسارة شخص ما كنت على علاقة به لفترة طويلة جدًا لأنك اعتدت على الشعور بأنه دائمًا معك خلال فترات الصعود والهبوط وكل الأحداث اليومية البسيطة تكون مرتبطة به بشكل أو بآخر.
2-لم تمنح نفسك وقتًا كافيًا للحزن.
لا يتعلق الأمر بطول السنين، لكنه يتعلق بفكرة هل قمت بالتعبير عن نفسك وحزنك وما يمر بك خلال تلك السنين أم لا؟ هل أخبرت المقربين منك عما يمر بك حقًا أم أخترت التظاهر بالسعادة والقوة والتخطي وهو ما لم يحدث من الأساس فهذا سبب كافي حتى لا تتجاوز ما حدث، كونك تحمل كل شيء بداخلك كما هو نعم الوقت يشفي كل الجروح ولا يوجد جدول زمني لتحديد موعد ذلك، لكن إخفاء الألم لن يساعدك على الإطلاق شاركه مع أصدقائك أو المقربين منك واسمح لنفسك أن تخرج كل هذا الحزن لتتحرر منه ولا يظل عالقًا بالداخل.
3-تواصل ملاحقته والبحث عنه في كل مكان.
الملاحقة لن تفيد إلا في جعلك غارق في تفاصيل حياة هذا الشخص دون أن تتقدم في حياتك، متابعة حياته عبر وسائل التواصل الاجتماعي ستجعلك دائمًا تشعر بمزيد من الحزن والتعلق.. وذلك حتى إن كانت مشاعرك تجاهه سلبية لكن يظل الأمر تعلقًا بشكل ما وهناك العديد من الأسباب التي تجعلك تتصرف بهذا الشكل وتؤذي نفسك بتلك الطريقة، منها أنه ليس لديك مكان آخر تذهب إليه أو شيء تفعله أوتشعر أنك لن تجد شخصًا مناسبًا مرة أخرى.
4-لم يكن هناك نهاية واضحة.
أحد أصعب الأمور في نهاية العلاقات العاطفية ألا يكون هناك نهاية واضحة، فلا يجلس الطرفان ويقرران ألا يكملا معًا، بل يقرر أحدهم عن الآخر، يأخذ القرار وحده وينفذه ويظل الآخر رهينة هذا التعلق وعدم الحسم والتخبط لفترة طويلة بعد ذلك لا تعش على أمل زائف في إمكانية حسم الأمر أو النقاش أو قول ما كنت تريده للطرف الآخر، حاول غلق الباب داخل عقلك لأنك تستحق التجاوز وليس لأي سبب آخر.
5-ما زلت تفكر في "ماذا لو؟".
"ماذا لو عاد؟" "ماذا لو كان لا يزال يحبني؟" "ماذا لو كان نادمًا على ما فعله؟" "ماذا لو عرف قيمة علاقتنا؟" هذه الأسئلة التي تستمر في تكرارها في ذهنك بعد مرور سنوات على انفصالك، لا تفعل شيء سوى أنها تعيقك عن التقدم إلى الأمام.. توقف عن إستعادة تلك الذكريات وطرح الأسئلة التي لن تفيد، توقف عن تعذيب نفسك.. ليس سهلًا نعم، لكنه أيضًا ليس مستحيلًا.
6-لوم النفس.
يمكن أن يكون بطرق مختلفة، فإما تبدأ في تحميل نفسك ذنب وأخطاء العلاقة ولا تغفر لها أي شيء خاطئ تعتقد أنك قمت به، أو تلومها على كل شيء جيد قدمته لهذا الشخص وهذا لن يفيد على الإطلاق، كما أنه ليس حقيقيًا أيضًا.. قد يكون هناك طرفًا يتحمل خطأ أكثر من الآخر، لكنها علاقة قائمة على إثنين وبالتالي فنجاحها أو فشلها مقسوم على الإثنين معًا ولا يمكن أن يتحمله بالكامل طرفًا دون الآخر لا تلوم نفسك على ما حدث لأنها تجربة، الخطأ يعلمك الصواب، وكل الأشياء الرائعة التي قدمتها تعني أنك شخصًا جيد وتستحق من يقدر ذلك.
7-ثقتك بنفسك منخفضة أو تشعر بعدم الأمان.
الإنفصال العاطفي يمكن أن يؤثر بصورة كبيرة على رؤيتنا لأنفسنا وثقتنا بها، ونصبح أسرى لفكرة أننا "لسنا جيدون بما فيه الكفاية" ولن نعثر على الشخص المناسب لنا أبدًا أو نصبح خائفين من العودة إلى هناك مرة أخرى، لأن الأمر يتكرر بنفس المعاناة والألم وهذا غير صحيح لأن عدم نجاح علاقة لا يعني أن هناك عيب فيك، لكن الأمر وما فيه أنه لم تكونا مناسبين لبعضكما والأشخاص الذين يعانون من مستويات عميقة من القلق وعدم الأمان يواجهون صعوبة أكبر في استعادة التوازن عند التخلي عنهم من قبل شريك سابق موثوق به، ويسيطر عليهم الإحساس بالعجز وعدم القدرة على الحب مرة أخرى لكن هذا لا يجب أن يحدث لكنه غير صحيح، لا تغلق على نفسك وفكر في كل من تعافوا من قصص الحب التي لم تكتمل، ونجحوا في إيجاد شركاء حياتهم بعد ذلك وتذكر دائمًا أن حياتك أهم من أن تتوقف بسبب علاقة لم يُكتب لها الاكتمال، لا تترك نفسك في دوامة لا تنتهي من الحزن والألم، حاول التوقف عن أسباب عدم الثقة والسماح لنفسك بالتجربة من جديد لأن حياتنا هي فرص لا تنتهي من التجارب، والفشل لا يعني النهاية، بل يعني أن هناك بداية جديدة على وشك الحدوث فقط اسمح لنفسك لأنها تستحق ذلك.