النائب تـامــر الــشـــهـاوى يكتب.. الأمة التي أمنها النفسي معتل أمنها القومي مختل 2
بوابة البرلمانتناولنا فى الجزء الاول الشخصيه المصريه وما أصابها من تغيير وكذا الشعور بالاغتراب وتأثيره على الامن النفسى وبالتالي تأثيره السلبى على الامن القومى . وفي اعتقادي أن السياسات التي تم انتهاجها بدءا من السبعينيات من القرن الماضي وأخصها سياسة الانفتاح التي كانت بمثابة كلمة السر التي أفقدت الشخصية المصرية لبريقها.
فلم تعد الشخصية المصرية الحالية قادرة على هضم كل شيء واستخلاص أبدع ما فيه من فن وفكر ورقى ونبذ العنف والكره والقيم المعادية للإنسانية كما كانت من قبل، كما أننا لا يمكننا الفصل أيضا بين ما أصاب الهوية المصرية من تشوه وبين حالة الانهيار التي أصابت الطبقة الوسطى، والتي حملت عبء ضبط إيقاع المجتمع المصرى وتسييد القيم الحميدة فيه على مر التاريخ. من السهل أن نستمر في دفن رؤوسنا في الرمال، والادعاء بأن كل شيء على ما يرام، وأن ما اعترى الشخصية المصرية مجرد تشوه عابر، لكن تلك الهوية المصرية مهددة إلى الأبد ولن تعود مرة أخرى إلا بإدراك أننا نعاني أزمة استعادة الهوية المصرية، ولا سبيل إلى استعادتها إلا بصلة حقيقية مع ماضينا العظيم، تعميق معرفة الشباب بهذه القيم العظيمة والحرص على توريث هذا التنوع الثقافى الهائل لأبنائنا دون انحياز لثقافة أو تحقير لأخرى.
وأعتقد أن أهم ما كشفت عنه ثورة يناير هي تلك الهوة العميقة بين الأجيال، حالة أقرب إلى القطيعة المعرفية بين جيل الأجداد وجيل الشباب، وضياع جيل الوسط بين هؤلاء وهؤلاء. ولعل التساؤل الذي يفرض نفسه الآن، هو كيف يمكن أن نستعيد حالة المرونة وهيمنة الهوية المصرية وهضم كل تلك الثقافات الوافدة في ظل انتشار واسع لحالة التجريف الثقافى. إن مهمتنا الآن هي استعادة تقاليد الشخصية المصرية الأصيلة وتنميتها من جديد وتوريث معارفها وحكمتها للصغار، وأن لا نستسلم لهذا الغزو المهول لبلايين المعلومات التي لا تبنى معرفة، ولا تشعر الإنسان إلا بمزيد من الضياع والتشتت.
ولايزال هناك دور فعال لكل الوزارات المعنية بتشكيل الوعى داخل الحكومة، والتى تستطيع تنقية كل وسائل التعليم الأساسى والجامعى من رسائل العنف الاجتماعى والتشوه التي أصابتها، كذلك الحرص على التعريف بالتنوع الثقافى المصرى من خلال تعديل مناهج المدارس لتتضمن القيم الإيجابية التي كانت تتسم بها الشخصية المصرية، وإعادة التوازن الطبيعى للحقب التاريخية في كتب التاريخ بمراحل التعليم المختلفة.
كما إن دعم الطبقة المتوسطة اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا هو السبيل الوحيد لإنهاء حالة تسييد ثقافة العشوائية والعنف ومجتمع الغاب، حيث الغلبة للأكثر عددا ومالا، بدلا من قيم الاحترام وتقدير الفنون والرقى التي حملتها الطبقة المتوسطة على مدار التاريخ. انتظرونى فى الجزء الثالث